للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أن هذا التأخير مستحب؛ فقد قال في "التنبيه" [ص ٢٤٢]: (فإن جلده في هذه الأحوال فمات .. فالمنصوص: أنَّه لا يضمن) وكذا قال في "المنهاج" [ص ٥٠٤]: (فلا ضمان على النص فيقتضي أن التأخير مستحب) لكن في "زيادة الروضة": المذهب: وجوب التأخير مطلقًا (١)، يعني: سواء أوجبنا الضمان أم لا.

قال شيخنا الإمام البلقيني: وهو مخالف لقول الشَّافعي رضي الله عنه في "الأم": (وإذا وقع على رجل حَدٌّ، فضربه الإمام وهو مريض أو في برب شديدٍ أو حَرٍّ شديدٍ .. كرهت ذلك) (٢) فتصريحه بالكراهة يدل على أنَّه لا يجب التأخير، ثم صوب شيخنا أن الاستحباب فيما إذا كان الجلد في المرض أو الحر أو البرد لا يهلك غالبا ولا كثيرًا، والوجوب فيما إذا أهلك غالبًا أو كثيرًا.

ثانيهما: أن محل التأخير: في مرض يرجى برؤه، قال في "التنبيه" [ص ٢٤٢]: (وإن كان نضو الخلق أو مريضًا لا يرجى برؤه .. جلد بأطراف الثياب وإثكال النخل)، وقال في "المنهاج" [ص ٥٠٤]: (فإن لم يُرج برؤه .. جلد لا بسوط، بل بعثكال عليه مائة غصن، فإن كان خمسين .. ضرب مرتين، وتمسه الأغصان أو ينكبس بعضها على بعض ليناله بعض الألم) وحذف ابن يونس في "النبيه" إضافة الإثكال إلى النخل كما فعل "المنهاج" لأن الإثكال لا يطلق إلَّا على شمراخ النخل كما نبه عليه في "تنويهه"، قال: وغلطناه في قوله: (أطراف الثياب) (٣) إذ لا يكاد يوجد لغيره؛ وهذا لأن الإمساك بطرف ثوبه لا أثر له في الإيلام، ولا يسمى جلدًا، وكذا أنكر على الشيخ ابن عمه في "شرحه" والنووي في "نكته"، وقال ابن الرفعة: إنه صرح به جماعة من الأئمة، ولا التفات إلى من قال: إنه لم يره إلَّا في "المستظهري" (٤)، وفي "أصل الروضة": ولا يتعين العثكال، بل له الضرب بالنعال وأطراف الثياب، كذا حكاه ابن الصباغ والروياني وغيرهما (٥).

قال شيخنا الإمام البلقيني: وهو عندي متعقب في النعال إذا كان ألمها أكثر من ألم العثكال، وأما أطراف الثياب .. فالظاهر أن أمرها مساو للعثكال أو أخف منه، وفي الحديث في شارب الخمر: (أنهم ضربوه بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم بالنعال وأطراف الثياب) وفي معنى المرض الذي لا يرجى برؤه: إذا كان البلد شديد الحر أو البرد دائما كما صرح به الماوردي، فقال: فإن كان في بلاد الحر التي لا يسكن حرها أو البرد التي لا يقل بردها .. لم يؤخر حده، ولم


(١) الروضة (١٠/ ١٠٢).
(٢) الأم (٦/ ٨٧).
(٣) التنبيه (ص ٢٤٢).
(٤) حلية العلماء (٣/ ١١٣٥).
(٥) الروضة (١٠/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>