للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثانيهما: أن مقتضى كلامه: أنَّه يسوغ للشاهد في شرب النبيذ أن يقول: (شرب خمرًا) لقوله أول الباب: (كل شراب أسكر كثيره .. حرم قليله، وحد شاربه) (١) ثم قال هنا: (ويكفي - يعني: في إيجاب الحد على شارب ما ذكر -: "شرب خمرًا") (٢) وهذا لا يسوغ للشاهد قطعًا، ولو قلنا: إن اسم الخمر يتناوله حقيقة؛ لأن الشارب قد يعتقد إباحة القدر الذي لا يسكر .. فيكون مع ذلك مقبول الشهادة، وإطلاق شرب الخمر عليه يقتضي فسقه ورد شهادته.

٥١٧٧ - قوله: (ولا يحد حال سكره) (٣) لم يبين هل ينعقد بالحد لو وقع أم لا؟ وفيه وجهان حكاهما في "الكفاية" عن القاضي حسين، وقال شيخنا الإمام البلقيني: الأصح: الإجزاء؛ ففي "صحيح البخاري": عن عقبة بنُ عامر قال: (جيء بالنعمان - أو بابن النعمان - وهو سكران، وأمر من في البيت أن يضربوه، فضربوه بالجريد والنعال) (٤)، وعن أبي هريرة قال: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم بسكران، فأمر بضربه ... الحديث) (٥)، قال: وهذان صريحان أو ظاهران، أو الأول صريح والثاني ظاهر في جواز إقامة الحد عليه في حال سكره إذا كان على الحالة التي لم يصل فيها إلى أن يصير ملقى لا حراك به.

٥١٧٨ - قوله: (ويفرقه على الأعضاء إلَّا المقاتل والوجه، قيل: والرأس) (٦) يقتضي أن استثناء الرأس وجه ضعيف، وعليه مشى "الحاوي" فقال [ص ٥٩٦]: (ويفرق على البدن، لا الوجه والمقتل).

قال شيخنا الإمام البلقيني: وليس كذلك، بل هو نص الشَّافعي في "مختصر البويطي"، وقد نقله القاضي أَبو الطيب في "تعليقه"، وصححه، وقال: إذا اتقينا الفرج؛ لأنه مقْتل .. فالرأس بذلك أولى؛ لأنه موضع شريف، وفيه مقتل ويخاف من ضربه نزف الماء في العين وزوال العقل، وحكاه أيضًا ابن الصباغ والروياني في "الكافي"، وقال: إن مقابله خطأ، وجزم به الخوارزمي في "الكافي"، قال شيخنا: ولا نص للشافعي يخالفه؛ فهو المعتمد.

قلت: وعليه مشى "التنبيه" في حد الزنا (٧)، واعلم: أن الرافعي علل كونه لا يجتنب الرأس بأنه مستور بالشعر (٨)، ومقتضاه: أنَّه لو لم يكن عليه شعر لقرع أو حلق رأس .. اجتنبه قطعًا.


(١) المنهاج (ص ٥١٣).
(٢) المنهاج (ص ٥١٣).
(٣) انظر "المنهاج" (ص ٥١٣).
(٤) صحيح البخاري (٢١٩١)، (٦٣٩٣).
(٥) صحيح البخاري (٦٣٩٩).
(٦) انظر " المنهاج " (ص ٥١٣).
(٧) التنبيه (ص ٢٤٢).
(٨) انظر "فتح العزيز" (١١/ ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>