للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمكن دفعه بغير قتله .. وجب، وإلَّا .. فلا، ومال شيخنا الإمام البلقيني إلى هذا، واستثنى: ما إذا أمكن الدفع بغير القتل من محل الخلاف، وقال: إنه يجب قطعًا، وحكاه عن "التتمة"، وقال: إنه لا بد منه، وأيده ترجيحهم وجوب الهرب.

رابعها: محل الخلاف: فيما إذا كان القاصد مسلمًا، فإن كان كافرًا أو بهيمة .. وجب الدفع، قال النووي في "تصحيحه": قطعًا (١)، وسبقه إليه نفي الخلاف القاضي حسين، وأشار الروياني إلى خلاف في الكافر، قال في "الروضة": وهو غلط، والصواب الأول، وبه قطع الأصحاب (٢)، وقال في "المطلب": لعل ما قاله الروياني في الذِّمِّيُّ، فأما الحربي: فلا يجوز الاستسلام له أصلًا، وكذلك المرتد؛ لوجوب قتله.

وعبر "المنهاج" بقوله [ص ٥١٥]: (ويجب عن بُضْعِ، وكذا نفسٌ قصدها كافر أو بهيمةٌ، لا مسلمٌ في الأظهر) وظاهره عود الخلاف للكافر والبهيمة أيضًا؛ لذكره لهما بعد قوله: (كذا)، وليس كذلك، وعبارة "الحاوي" [ص ٦٠٠]: (والبهيمة والمجنون والكافر عن النفس) فزاد ذكر المجنون، وفي معناه: الصبي، وإلحاق المجنون والصبي بالبهيمة والكافر طريقة حكاها الرافعي، ثم قال: والأشبه طرد القولين (٣)، وعبر في "الروضة" بقوله: والمذهب: طرد القولين (٤)، ومقتضاه: ترجيح جواز الاستسلام، لكن صحح شيخنا الإمام البلقيني تلك الطريقة، وحكاها عن جزم الماوردي (٥)، وقال: هو الذي يقوى في التوجيه من جهة أنهما لم يبوءا بالإثم، فأشبها البهيمة.

وأجيب عن "التنبيه": بأن البهيمة لم تدخل في كلامه؛ لتعبيره ب (من)، وهي للعقلاء.

خامسها: قيد شيخنا الإمام البلقيني المسلم بكونه محقون الدم، فلو كان غير محقون؛ كالزاني المحصن وتارك الصلاة ومن تحتم قتله في قطع الطَّرِيقِ .. وجب الدفع قطعا، وحكى عن القاضي حسين والإمام والغزالي تقييد الخلاف بكونه محقون الدم (٦).

سادسها: تعبيره بالمقصود يقتضي أن غيره ليس كذلك، مع أن أصح الطرق أن الدفع عن نفس غيره كالدفع عن نفسه وجوبًا وجوازًا؛ ولهذا لم يقيد "المنهاج" و"الحاوي" ذلك بنفسه، بل أطلق "الحاوي" [ص ٦٠٠]: (النفس) بالتعريف، و"المنهاج" [ص ٥١٥]: (نفسًا) بالتنكير، ثم


(١) تصحيح التنبيه (٢/ ١٩٢).
(٢) الروضة (١٠/ ١٨٨).
(٣) انظر "فتح العزيز" (١١/ ٣١٥).
(٤) الروضة (١٠/ ١٨٩).
(٥) انظر "الحاوي الكبير" (١٣/ ٤٥٥).
(٦) انظر "نهاية المطلب" (١٧/ ٦٧٣)، و"الوسيط" (٦/ ٥٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>