للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدهما عن الآخر بفصل وإبانة، وهذا أشد من سل اليد حتَّى تندر الأسنان؛ ولهذا اعتبر في عدم الضمان به ألَّا يقدر على تخليصها إلَّا بذلك، ورفع أحد اللحيين عن الآخر أهون الأمور، فيفعل بلا شرط.

وظاهر عبارة "المنهاج" و"الحاوي"الحصر فيما ذكر اه، وليس كذلك؛ فالصحيح في "أصل الروضة": أنَّه إذا لم يمكنه التخلص إلَّا ببعج بطنه أو فقأ عينه أو عصر خصييه .. جاز (١)، وهذا كفك اللحيين الذي ذكره "التنبيه".

فإن قلت: ففي "مختصر المزني" عن الشَّافعي: فإن بعج بطنه بسكين أو فقأ عينيه بيديه أو ضربه في بعض جسده .. ضمن، قال المزني: قلت أنا: لا يضمن (٢).

قلت: إنما قال الشَّافعي هذا فيما إذا أمكن دفعه بدون ذلك؛ بدليل أنَّه قال في "الأم": (فإن ترك شيئًا مما وصفنا له وبعج بطنه ... إلى آخره) (٣) فدل على أن صورته فيما إذا ترك ما هو أسهل من ذلك مع التمكن منه، وإنَّما خالفه المزني؛ لظنه أنَّه قال ذلك مع العجز عما هو دونه، ذكره شيخنا الإمام البلقيني بمعناه، ثم قال: وعندي في فقأ العينين نظر؛ فإن مثل ذلك لا يدوم كعصر الخصية، فلا يكون حاملًا للعاض على ترك العض؛ فالإقدام عليه مع هذا الاحتمال ممتنع، ثم ذكر شيخنا: أن شرط هذه المسألة: ألَّا يكون المعضوض مرتدًا ولا متحتم القتل في قطع الطَّرِيقِ ونحوهما، فمن هو كذلك .. ليس له أن يفعل بالعاض ما يؤدي إلى سقوط أسنانه، قال: ولا توقف عندي فيه، وإن وقف من وقف فيه، ولا يخفى أن ذكر اليد مثال، فعض سائر الأعضاء كذلك؛ ولهذا لم يذكر اليد في بعض نسخ "الحاوي".

٥١٩٦ - قول "التنبيه" [ص ٢٣٠]: (وإن اطلع رجل في بيت رجل وليس بينهما محرمية .. جاز رمي عينه) فيه أمور:

أحدها: الأصح: أنَّه لو كان الناظر امرأة أو مراهقًا .. كان الحكم كذلك؛ ولهذا قال "المنهاج" [ص ٥١٥]: (ومن نظر) و"الحاوي" [ص ٦٠١]: (ناظر) لكن يدخل في عبارتهما: غير المراهق، مع أنَّه لا يجوز رميه ولو كان مميزًا، وقال الشيخ زين الدين بنُ الكتناني: كيف يجوز رمي المراهق وهو غير مكلف؟ قال: ولو كان في الدار محرم للناظر أو زوجة أو متاع .. لم يُرم؛ لأجل الشبهة فأي شبهة أقوى من عدم التحريم، فالقول بجواز رميه غفلة، مع أن نظره لا يحرم.


(١) الروضة (١٠/ ١٨٨).
(٢) مختصر المزني (ص ٢٦٨).
(٣) الأم (٦/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>