للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال في "التوشيح": وجوابه: أن كونه غير مكلف لا يعصمه من الرمي؛ فإن الرمي ليس للتكليف، بل لدفع مفسدة النظر، فسواء أوقع النظر من مكلف أو غيره ممن يحصل به المفسدة، وقوله: (ولو كان في الدار محرم .. لم يُرْمَ لأجل الشبهة) قلنا: تلك شبهة في المحل المنظور فيه، وأما المراهق .. فلا شبهة له في المحل، وقوله: (نظر المراهق لا يحرم) الصحيح عند الرافعي والنووي: أن نظره كنظر البالغ (١)، وفي الحقيقة الوجهان في رمي المراهق هما الوجهان في نظره؛ إن جوزناه .. لم يرمِ، وإن لم نجوزه وهو الأصح: جاز رميه؛ فلا اعتراض على الرافعي، ولا غفلة منه، بل ممن قال: إن نظر المراهق لا يحرم.

وقال شيخنا الإمام البلقيني: المراهق في حرمة النظر كالبالغ، وهذا تعزير له، والتعزير لا يتوقف على التكليف، وقيد شيخنا المذكور مسألة المرأة بما إذا كانت الناظرة كافرة والمنظور إليها مسلمة، وفرعنا على منع نظر الكافرة للمسلمة، أو نظرت المرأة المسلمة لما يمتنع عليها أن تنظر إليه، فحينئذ .. تُرمى.

ثانيها: لا يخفى أن ذكر الرجل ثانيًا مثال؛ فالمرأة أولى بذلك.

ثالثها: محله: ما إذا كان صاحب البيت مكشوف العورة، وإلَّا .. فالأصح: أنَّه لا يجوز الرمي، إلَّا أن يكون هناك امرأة فيرمي، ولو كانت مستترة؛ ولهذا قال "المنهاج" [ص ٥١٥]: (ومن نظر إلى حُرَمِهِ في داره) و"الحاوي" [ص ٦٠١]: (ورمي عين ناظر حرمه) ويرد عليهما: الرجل المكشوف العورة، وتردد شيخنا فيما لو كان المنظور إليه خنثى مشكلًا؛ أي: إلى غير عورته، وقال: الأقرب أنَّه لا يرميه.

رابعها: يمتنع أيضًا فيما إذا كان له هناك مَحْرَم أو زوجة، ذكره "المنهاج" و"الحاوي" (٢)، وعبر عنه في "التصحيح" بالصواب (٣)، وفيه نظر؛ فالخلاف موجود في ذلك، وشرطه في المحرم: أن تكون غير متجردة، وإلَّا .. فيرمي، وفي معناهما: ما لو كان له هناك متاع، ذكره في "أصل الروضة" (٤).

وقال شيخنا الإمام البلقيني: إنه ممنوع؛ فإن مثل ذلك لا يقتضي الشبهة؛ بدليل ما لو كان الساكن في الدار مستأجرًا والناظر المالك .. فإنه يجوز رميه كما قاله أَبو الفرج السرخسي، وأقره عليه في "أصل الروضة"، وكذا المستعير على أحد وجهين في "أصل


(١) انظر "فتح العزيز" (١١/ ٣٢٥)، و"الروضة" (١٠/ ١٩٣).
(٢) الحاوي (ص ٦٠١)، المنهاج (ص ٥١٥).
(٣) تصحيح التنبيه (٢/ ١٩٣).
(٤) الروضة (١٠/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>