للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوديعة فأتلفت .. لزمه الضمان ولو نهاراً، ولو استأجر رجلًا لحفظ دوابه فأتلفت زرعا ليلًا أو نهاراً .. فعلى الأجير الضمان، حكاه الرافعي عن "فتاوى البغوي"، وعلله: بأن عليه حفظها في الوقتين (١).

وفي معناهما: ما لو كانت تحت يد مستأجر أو مستعير أو مرتهن أو عامل قراض أو أمين بوجه ما أو غاصب أو مالك راهن قد استعارها من المرتهن .. فكل هؤلاء مأمورون بالاحتياط والحفظ، وقال الرافعي في الأولى: يشبه أن يقال: عليه حفظها بحسب ما يحفظ المالك (٢)، وقال النووي من زيادته: ينبغي ألَاّ يضمن الأجير والمودع إذا أتلفت نهاراً؛ لأن على صاحب الزرع حفظه نهاراً، وتفريط الأجير إنما يؤثر في أن مالك الدابة يضمنه (٣).

ورد شيخنا في "تصحيح المنهاج" كلام الرافعي في صورة الوديعة بأن المودع مأمور بالاحتياط في الحفظ بخلاف المالك، قال: وما ذكره النووي في الأجير والمودع مردود في غير الزرع، فإنه لا يجيء فيه التعليل بأن على صاحب الزرع حفظه نهاراً، وقوله: (وتفريط الأجير إنما يؤثر في أن مالك الدابة يضمنه) ممنوع، بل يؤثر أيضاً في ضمان ما تتلفه الدابة التي لم يحتط في حفظها الاحتياط المأمور به، قال: وقد جعل الشافعي والأصحاب الدابة التي أركبها أجنبي صبيًا أو مجنونا تحت يده وإن كان غائباً عنها؛ ولذلك جعلوه ضامنًا لما تتلفه، ولو كان كما قال النووي .. لم يضمن؛ لأن تفريطه إنما يؤثر في ضمان الدابة دون ما يحدث منها.

سادسها: ويستثنى من عدم الضمان أيضاً: ما لو تكاثرت المواشي بالنهار حتى عجز أصحاب الزرع عن حفظها .. فحكى فيه الماوردي وجهين بلا ترجيح، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": الأرجح: وجوب الضمان على أصحاب المواشي، لخروج هذا عن مقتضى العادة، وهي المعتبرة على الأصح.

سابعها: ويستثنى من عدم الضمان أيضًا: ما إذا ربطها في الطريق على بابه أو غيره .. فيلزمه الضمان مطلقاً، ولو كان الطريق واسعًا على الصحيح المنصوص.

ثامنها: ويستثنى من الضمان ليلاً: ما ذكره في "المنهاج" بقوله [ص ٥١٧]: (إلَاّ ألَاّ يُفرط في ربطها، أو حضر صاحب الزرع وتهاون في دفعها، وكذا إن كان الزرع في محوط له باب تركه مفتوحاً في الأصح) وقد ذكر "التنبيه" الأولى بقوله عقبه [ص ٢٢١، ٢٢٢]: (وإن انفلتت بالليل فأتلفت؛ فإن كان بتفريط منه في حفظها .. ضمن، وإن لم يكن بتفريط منه .. لم يضمن)،


(١) انظر "فتح العزيز" (١١/ ٣٣٥).
(٢) انظر "فتح العزيز" (١١/ ٣٣٥).
(٣) انظر "الروضة" (١٠/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>