للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البعيدة قطعًا، وفي كلام الشيخ أبي حامد عن الشافعي ما يقتضي هذا؛ إذ قال: قال الشافعي: إلا أنهم ينحازون إلى الأقرب فالأقرب منهم، قال شيخنا: وإطلاق ذلك كما في النص وكلام هؤلاء الأصحاب يؤدي إلى أن الجيش أو بعضه ينصرف من وجه العدو بعد الزحف إلى الفئة البعيدة من إمام وغيره بلا سبب، وهذا لا يقوله أحد.

٥٢٨١ - قوله: (ويشارك متحيز إلى قريبةٍ في الأصح) (١) وهو مفهوم "الحاوي" (٢)، قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": إنه مخالف لنص "الأم" حيث قال: فإن قالوا: ولينا متحرفين لقتال أو متحيزين إلى فئة .. كانت عليهم سهامهم فيما غُنم قبل أن يولوا، ولو غنموا بعد التولية شيئاً ثم عادوا .. لم يكن لهم سهامهم فيما غنم بعدهم؛ لأنهم لم يكونوا مقاتلين ولا رِدْءًا (٣)، قال: وظاهر النص أنه في المتحيز إلى فئة قريبة؛ لقوله: (ثم عادوا) وإذا حمل على الأعم .. حصل لنا العمل بظاهر النص، ونقل في "الروضة" وأصلها النص في المتحيز إلى البعيدة (٤)، وليس كما ذكراه.

٥٢٨٢ - قول "التنبيه" [ص ٢٣٣]: (وإن كان بإزائه أكثر من اثنين وغلب على ظنه أنه لا يهلك .. فالأولى أن يثبت، وإن غلب على ظنه أنه يهلك .. فالأولى أن ينصرف، وقيل: يجب عليه) حمل الإمام هذين الوجهين على ما إذا كان في الثبات نِكاية، قال: فإن كان فيه الهلاك المحض من غير نكاية .. وجب الفرار قطعاً (٥)، وقال النووي: إنه الحق (٦)، ثم كلام "التنبيه" يقتضي جواز الانصراف عند الزيادة على الضعف مطلقًا، وبه صرح "المنهاج"، واستثنى منه صورة، فقال: (فإن زاد على مثلين .. جاز الانصراف، إلا أنه يحرم انصراف مئة بَطَلٍ عن مئتين وواحد ضعفاء في الأصح) (٧) وذكر "الحاوي" مثله (٨)، وفي هذا الاستثناء أمران:

أحدهما: أن كلامهما يقتضي تخصيص الاستثناء بهذا التصوير، وليس الأمر كذلك، قاله شيخنا في "تصحيح المنهاج"، قال: وإنما العبرة عند من استثنى هذا الاستثناء بأن يكون مع المسلمين من القوة ما يغلب به على الظن أنهم يقاومون من بإزائهم من العدو الزائد على مثليهم ويرجون الظفر بهم.


(١) انظر "المنهاج" (ص ٥٢٠).
(٢) الحاوي (ص ٦٠٧).
(٣) الأم (٤/ ١٧٠).
(٤) فتح العزيز (١١/ ٤٠٤)، الروضة (١٠/ ٢٤٨).
(٥) انظر "نهاية المطلب" (١٧/ ٤٥٤).
(٦) انظر الروضة" (١٠/ ٢٤٩).
(٧) المنهاج (ص ٥٢٠).
(٨) الحاوي (ص ٦٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>