للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

خامسها: تعبير "الحاوي" بقوله [ص ٦١١]: (أهل ومال) أحسن من تعبير "المنهاج" [ص ٥٢٣، بـ (ماله وأهله) لأنه يخرج عنه ما إذا كان معه مال لغيره، وقد ذكر الربيع أنا لا نتعرض له في ماله ولا في مال غيره الذي معه.

٥٣٥٢ - قول "التنبيه" [ص ٢٣١]: (من لا يقدر على إظهار الدين في دار الحرب وقدر على الهجرة .. وجب عليه أن يهاجر) أحسن من تعبير "المنهاج" [ص ٥٢٤] بـ (دار الكفر) لأنه يدخل في تعبيره بلد الهُدنة؛ فهي دار كفر، إلا أن أهلها ليسوا أهل حرب، وقد ذكر شيخنا الإمام البلقيني: أنه لا تجب الهجرة منها؛ لأن شرط رد الرجال المسلمين إليهم، وردُّ النبي صلى الله عليه وسلم أبا جندل وأبا بصير - على معنى أنه مكنهم منها - دليلٌ على أنه لا تحرم الإقامة في بلد الهدنة لمن لا يقدر على إظهار دينه. انتهى

وعليه يدل تعبير "التنبيه" بدار الحرب، واستثنى شيخنا أيضًا من كلامهما: ما إذا كان في مقامه مصلحة للمسلمين، قال: فلا يجب عليه الهجرة، وتجوز له الإقامة، بل ترجح على الهجرة؛ فقد قيل: إن إسلام العباس كان قبل بدر، وكان يكتم إسلامه، ويكتب بأخبار المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتقوى به المسلمون، وكان يحب الهجرة، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مقامك بمكة خير" (١).

٥٣٥٣ - قولهما: (ومن قدر على إظهار الدين .. استحب له أن يهاجر) (٢) محله: ما إذا لم يرج ظهور الإسلام هناك بمقامه، فإن رجا .. فالأفضل أن يقيم، وإن قدر على الامتناع في دار الحرب والاعتزال .. وجب عليه المقام بها؛ لأن موضعه دار الإسلام، فلو هاجر لصار دار حرب .. فيحرم ذلك، حكاه في زيادة "الروضة" عن الماوردي، وأقره (٣).

وقال شيخنا الإمام البلقيني: إنه معتمد، قال: وذكر الماوردي: أنه إذا تساوى حاله في المقام والهجرة؛ بأن لم يرج بهجرته نصره المسلمين ولا بمقامه ظهور الإسلام .. فهو بالخيار بين المقام والهجرة (٤)، قال شيخنا: وفيه نظر؛ فالهجرة إلى دار الإسلام أرجح.

٥٣٥٤ - قول "المنهاج" [ص ٥٢٤]: (ولو أطلقوه على أنهم في أمانه .. حرم - أي: اغتيالهم - فإن تبعه قوم .. فليدفعهم) كذلك عكسه، وهو: ما إذا شرطوا أنه في أمان منهم ولم يستأمنوه .. فيحرم عليه اغتيالهم؛ لأن الأمان لا يكون في أحد الطرفين، وقد اقتصر "الحاوي" على الثانية،


(١) ذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب" (٢/ ٨١٢)، والمزي في "تهذيب الكمال" (١٤/ ٢٢٦).
(٢) انظر "التنبيه" (ص ٢٣١)، و "المنهاج" (ص ٥٢٤).
(٣) الروضة (١٠/ ٢٨٢)، وانظر "الحاوي الكبير" (١٤/ ١٠٤).
(٤) انظر "الحاوي الكبير" (١٤/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>