للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غرمائه بحصة جزيته لما مضى عليه من الحول) (١) حكاه شيخنا الإمام البلقيني، وقال: هذا فرع حسن لم أر من تعرض له.

٥٤٠٢ - قول "الحاوي" [ص ٦١٨]: (وأخذ لحيته، وضرب لهازمه مطأطأ الرأس في الأداء) تبع فيه الرافعي، وعبارة "المنهاج" في اختصاره لـ"المحرر": (وتؤخذ بإهانةٍ، فيجلس الآخذ ويقوم الذمي ويطأطئ رأسه ويحني ظهره، ويضعها في الميزان، ويقبض الآخذ لحيته، ويضرب لهزمته) (٢) ثم اعترضه "المنهاج" فقال [ص ٥٢٧]: (هذه الهيئة باطلة، ودعوى استحبابها أشد خطأ) وقال في "الروضة": لا نعلم لها أصلاً معتمداً، وإنما ذكرها طائفة من الخراسانيين، وقال الجمهور: تؤخذ برفق كالديون، فالصواب: الجزم بأنها باطلة مردودة على مخترعها، فلم تنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الخلفاء الراشدين، وقد قال الرافعي في أول (كتاب الجزية): الأصح عند الأصحاب: تفسير الصَّغَار بالتزام الأحكام. انتهى (٣).

ونص عليه الشافعي فقال: (ولم أسمع مخالفاً في أن الصَّغَار أن يعلو حكم الإسلام على حكم الكفر) (٤) وعلى ذلك مشى "التنبيه" فقال [ص ٢٣٧]: (ويؤخذ ذلك منهم برفق كما تؤخذ سائر الديون)، وهنا أمور:

أحدها: قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": محل هذا: في غير ما أخذت فيه الجزية باسم الصدقة؛ فتلك لا يأتي فيها الوجهان؛ لأنهم أنفوا من اسم الجزية .. فبالأولى أن يأنفوا من هذا الفعل، ولم أر من تعرض لذلك هنا، ولا بد منه.

ثانيها: قوله: (فيجلس الآخذ) أي: المسلم؛ فإنه لا يكون المستوفي لها إلا مسلماً سواء قلنا بهذه الطريقة أم لا، بل لا يكون إلا عدلاً، ذكره شيخنا أيضاً، وقال: لم أر من تعرض له، وقوله: (ويضعها في الميزان) أي: في الموزونات، فلو أحضر ثوباً أو غيره .. وضعه في يد الآخذ أو حيث يأمره به، وقوله: (ويقبض لحيته) فلو لم يكن له لحية .. هل يقبض من مجمع اللحيين؟ لم يتعرضوا له، قال شيخنا أيضاً: والظاهر أنه لا يقبض شيئاً؛ لأن قبض ذلك ليس بإهانة في العرف، بخلاف اللحية، وقوله: (ويضرب لهزمتيه) هما مجتمع اللحم بين الماضغ والأذن، ومقتضاه: أنه يضرب في كل لهزمة ضربة، وهو مقتضى قول "الحاوي" [ص ٦١٨]: (وضرب لهازمه) قال الرافعي: ويشبه أن يكفي الضرب في أحد الجانبين، ولا يراعى الجمع


(١) الأم (٤/ ١٨٠).
(٢) المحرر (ص ٤٥٦)، المنهاج (ص ٥٢٦، ٥٢٧).
(٣) الروضة (١٠/ ٣١٦)، وانظر "فتح العزيز" (١١/ ٤٩٢).
(٤) انظر "الأم" (٤/ ٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>