للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نظر: فإن لم يكن شرط ذلك في عقد الذمة .. لم ينتقض العهد، وإن شرط عليهم .. فقد قيل: ينتقض عهدهم، وقيل: لا ينتقض عهدهم) الأصح: الأول، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي" (١)، والمراد: اشتراط انتقاض العهد بها كما أفصح به "المنهاج"، وهو معنى قول "الحاوي" [ص ٦٢٠]: (وبشرطه) أي: بشرط الانتقاض، وفي "أصل الروضة": أصحهما: لا ينتقض، ثم قال: وهل المعتبر في الشرط الامتناع منه أم الانتقاض به؟ صرح الإمام والغزالي بالثاني، وكثيرون بالأول، ولا يبعد أن يتوسط فيقال: إن شرط الانتقاض .. فالأصح: الانتقاض، وإلا .. فالأصح: خلافه (٢).

قال في "المهمات": وهذا الترجيح الأخير منافٍ لتصحيحه الانتقاض مع الشرط؛ ولهذا لم يذكر الرافعي ذلك التصحيح، بل حكى عن طائفة الانتقاض، وعن آخرين المنع، ثم ذكر هذا الترجيح، وهو توسط بينهما، فأخذ في كل حالة يقول طائفة (٣)، وهنا أمور:

أحدها: لا يخفى في الزنا إقامة الحد، فلو رجم لإحصانه وفرعنا على الانتقاض .. فهل يصير ماله فيئاً؟ وجهان، بَيَّضَ في "الروضة" لبيان أصحهما (٤)، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": الأصح، بل الصواب: أنه يصير فيئاً.

ثانيها: المراد: الزنا بمسلمة مع علمه بإسلامها حالة الزنا، والقياس: أن لواطه بغلام مسلم كذلك.

ثالثها: المراد: إصابة المسلمة بنكاح عقده عليها حال إسلامها حالة الإصابة، فلو عقد على كافرة ثم أسلمت بعد الدخول فأصابها في العدة .. لم ينقض عهده؛ فقد يسلم فيستمر نكاحه؛ فأمره أخف.

رابعها: زاد في "أصل الروضة" بعد قوله: (فتن مسلماً عن دينه): ودعاه إلى دينهم (٥)، وقال في "المهمات": صدره يقتضي أنه لا بد من انتقال المسلم عن الإسلام، وآخره يقتضي الاكتفاء بدعائه إليه، فهل المعتبر الأول أو الثاني؟

قلت: لا نسلم أن قوله: (فتن مسلماً عن دينه) يقتضي حصول الردة، وإنما المراد: دعاؤه إليه فبيّن بقوله: (ودعاه إلى دينهم) المراد بقوله: (فتن مسلماً) للاحتراز عما لو أراه نصرانية افتتن هو بها وارتد بسببها عن دينه، فلو قال: (فإن دعاه إلى دينهم) .. لكان أولى، وقد عبر


(١) الحاوي (ص ٦٢٠، ٦٢١)، المنهاج (ص ٥٢٨).
(٢) الروضة (١٠/ ٣٢٩)، وانظر "نهاية المطلب" (١٨/ ٤١)، و"الوجيز" (٢/ ٢٠٣).
(٣) انظر "فتح العزيز" (١١/ ٥٤٧، ٥٤٨).
(٤) الروضة (١٠/ ٣٢٩، ٣٣٠).
(٥) الروضة (١٠/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>