للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مسألة الكسرة ونحوها؛ لأنه لم يكن ملكاً للأول، وإنما كان له نوع اختصاص، والاختصاص المجرد يضعف بالإعراض (١).

٥٥٢٠ - قول "المنهاج" [ص ٥٣٥]: (ولو تحول حمامه إلى برج غيره .. لزمه رده) أي: لزم ذلك الغير رده، لا بد من تقييد؛ بأن يأخذه ذلك الغير، كما هو في عبارة الشافعي رضي الله عنه في "المختصر" (٢) فإنه إذا لم يأخذه .. لم يدخل تحت يده وبتقدير دخوله تحت يده .. فهو كتطيير الريح ثوباً إلى داره، فهو أمانة شرعية لا يلزم ردها بحيث يباشر ذلك ويتحمل مؤنته، وإنما عليه إعلام المالك بذلك، وتمكينه من أخذه كالوديعة الاختيارية.

٥٥٢٠/ ١ - قوله: (فإن اختلط وعسر التمييز .. لم يصح بيع أحدهما وهبته شيئاً منه لثالث) (٣) فيه أمران:

أحدهما: قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": إنه كلام فيه نقص؛ لأن الصورة: تحول حمامه إلى برج غيره، فلا يصح بيع صاحب البرج الذي وقع فيه الاختلاط، وتمام التصوير: فإن انتقل من حمام كل واحد منهما إلى برج صاحبه واختلط وعسر التمييز.

قلت: لا نقص في تصوير "المنهاج" فقد حصل الاختلاط في هذا البرج، فلا يختص الحكم بصاحب البرج لوجود حمام للآخر فيه، ولا يحتاج في تمام التصوير إلى حصول اختلاط في برجين، والله أعلم.

ثانيهما: قال شيخنا أيضاً: محله: ما إذا باع أو وهب شيئاً معيناً بالشخص، ثم لم يظهر أنه ملكه؛ ولهذا وَجّهُوا إبطال ذلك بأنه لا يتحقق الملك فيما باعه، فأما إذا باع شيئاً معيناً بالجزء؛ كنصف ما يملكه، أو باع جميع ما يملكه والثمن فيهما معلوم .. صح؛ لأنه يتحقق الملك فيما باعه، وحل المشتري هنا محل البائع، كما لو باعا من ثالث مع جهل الأعداد .. فإنه يصح كما سيأتي إذا كان الثمن معلوماً، ويحتمل الجهل في المبيع للضرورة.

قلت: الفرق بينهما أن جملة المبيع للمشتري معلومة، وما يلزمه لكل منهما من الثمن معلوم، وإن لم يعلم قدر ما اشتراه من كل منهما، فاغتفر الجهل بذلك للضرورة، مع أنه لا يترتب على الجهل به مفسدة، فلا يلزم من اغتفار الجهل به اغتفار الجهل بجملة ما اشتراه المشتري، والله أعلم.

أما لو باع أو وهب شيئاً معيناً بالشخص الثالث ثم ظهر أنه ملكه .. فإنه يصح، وهو أولى بالصحة مما لو باع مال أبيه على ظن حياته فبان موته.


(١) انظر "فتح العزيز" (١٢/ ٤٢).
(٢) مختصر المزني (ص ٢٨٢).
(٣) انظر "المنهاج" (ص ٥٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>