للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الأضحية) لم يشتهر اشتهار: (الطلاق لازم لي) فهو كناية قطعاً لا يلزم بمجرده، بل بنيّة، بخلاف نظيره من الطلاق؛ ففيه خلاف.

وفي "أصل الروضة" عن "البحر": لو قال: (إن اشتريت شاة .. فـ لله عليَّ أن أجعلها أضحية) .. فهو نذر مضمون في الذمة، فإذا اشترى شاة .. فعليه جعلها أضحية، ولا تصير بالشراء أضحية، ولو عين فقال: (إن اشتريت هذه الشاة .. فلله عليّ جعلها أضحية) .. فوجهان (١)، والأقيس في "شرح المهذب": أنه لا يلزمه تغليباً لحكم التعين، وقد أوجبها قبل الملك (٢)، ولا بد من تقييد المسألة بأن يقصد الشكر على حصول الملك، فإن قصد الامتناع .. فهو نذر لجاج كما ذكره الرافعي في نظيره من نذر إعتاق العبد إذا ملكه (٣)، ولم يذكر في "المهذب" قوله: (إلا أن ينذر) كأنه لفهمه من كونها سنة، ومن ذَكَرَه رفع به توهم الوجوب بحمل السنة على الطريقة التي هي أعم من الواجب والمندوب، ونص على أن الشراء بنيّة التضحية لا يصير أضحية بذلك ما لم يلتزمها بالنذر.

واعلم: أن الواجبة بالنذر أو بجعلها أضحية غير التي تسن التضحية بها؛ فإنه لا يشترط فيها السلامة، فلو نذر التضحية بمعينة أو صغيرة أو جعلها أضحية .. وجب ذبحها؛ لالتزامه، وتكون قربة وتفريق لحمها صدقة، ويختص ذبحها بيوم النحر، ويجري مجرى الأضحية في الصرف على الأصح فيهما.

٥٥٣١ - قول "التنبيه" [ص ٨١]: (والمستحب لمن دخل عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحي ألَاّ يحلق رأسه ولا يقلم ظفره) يرد عليه أن ذلك لا يختص بشعر الرأس ولا بالحلق، وقد سلم "الحاوي" من الأول بقوله [ص ٦٣١]: (وترك المضحي الحلق والقلم عشر ذي الحجة)، ويوافقه قوله في بعض نسخ "التنبيه" أو أكثرها: (شعره)، وسلم منهما "المنهاج" بقوله [ص ٥٣٧]: (ويسن لمريدها ألَاّ يزيل شعره ولا ظفره في عشر ذي الحجة حتى يضحي).

ويرد عليهم جميعاً: أن سائر أجزاء البدن كالشعر، حكاه في زيادة "الروضة" عن إبراهيم المروذي (٤)، وفي "شرح مسلم" عنه وعن غيره (٥)، وقال في "المهمات": ما يزال من أجزاء البدن قد تكون إزالته واجبة؛ كختان البالغ وقطع يد السارق والجاني بعد الطلب ونحوها، وقد تكون مستحبة؛ كختان الصبي، وقد يباح كقلع السن الوجعة والفصد والحجامة ونحوهما؛ فإن


(١) الروضة (٣/ ١٩٢).
(٢) المجموع (٨/ ٢٧٦).
(٣) انظر "فتح العزيز" (٨/ ٥٧٥).
(٤) الروضة (٣/ ٢١٠).
(٥) شرح مسلم (١٣/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>