للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الدم من الأجزاء كما صرحوا به في الطلاق، فتأخير الواجب لا يجوز فضلاً عن كونه مستحباً.

وأما الثاني: فالتضحية من مال الصبي ممتنعة.

وأما الثالث: فالأمر بها مبناه الآلام فيه بعد؛ فقد يقال: صورته فيما إذا كان في بيت المضحي صبي .. فإنه تحصل السنة في حقه بتضحية صاحب البيت، وقد يمنع، وهو الأوجه؛ فإن الأحاديث وعبارات الأئمة إنما دلت عليه في حق من أراد التضحية، وهذا لم يُردها، وأقرب ما يصور به الفصد والحجامة وقطع السلعة ونحو ذلك مما يؤتي به بغير ألم عاجل. انتهى.

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": المراد به: قطع جلدة ونحوها مما لا يضر قطعها، ولا حاجة له في قطعها، ولا يتناول فصداً ولا حجامة، ومن أدخل ذلك في هذا الموضع فقد أخطأ، ثم استدل بقوله في رواية الشافعي وابن ماجه: "فلا يمس من شعره ولا من بشره شيئاً ٠" (١)، وهو أحد ألفاظ "مسلم" أيضاً، قال: والبشرة تعم أجزاء البدن غير الشعر والظفر. انتهى.

ومراد "التنبيه" و"الحاوي": استحباب ترك ذلك حتى يضحي كما صرح به "المنهاج" (٢)، وتقييده هو و"الحاوي" ذلك بعشر ذي الحجة يفهم أنه لو لم يضح يوم النحر .. فلا بأس بالحلق في أيام التشريق، وإن كان على عزم التضحية في بقيتها، وليس كذلك؛ ولهذا لم يقيده "التنبيه" و"الروضة" وأصلها بعشر ذي الحجة، فلو ضحى يوم النحر وعزمه التضحية بعد ذلك .. فهل يكف عن أحدهما للتضحية الثانية أم لا؟ مقتضى التعليل ببقائها لتشملها المغفرة أو بالتشبه بالمحرمين: زوال هذا الاستحباب؛ لحصول المقصود.

وقال شيخنا الإسنوي في "التمهيد": يتجه تخريجه على مسألة أصولية، وهي: أن الحكم المعلق على معنى كلي هل يكفي فيه أدنى المراتب؛ لتحقق المسمى فيه أم يجب الأعلى احتياطاً؟ والصحيح: القول الأول (٣)، وتردد شيخنا في "تصحيح المنهاج" فيما لو أخر الناذر التضحية بمعين إلى انقضاء أيام التشريق، ورجح بقاء الكراهة؛ لأن عليه أن يذبحها قضاء، وفيما لو نذر التضحية ولم يُرد فعلها.

واعلم: أن هذا الاستحباب مؤكد، فلو خالفه .. كره، وقيل: يحرم.

٥٥٣٢ - قول "التنبيه" [ص ٨١]: (والأفضل أن يذبحها بنفسه، فإن لم يحسن .. فالأفضل أن يشهد ذبحها) مقتضاه: أنه لا ينتقل للاستحباب الثاني إلا من لا يحسن، وعبارة "المنهاج" [ص ٥٣٧]: (وإلا .. فيشهدها) ومعناه: إن لم يذبح بنفسه؛ إما لعجز أو غيره، ويوافقه قول


(١) صحيح مسلم (١٩٧٧)، سنن ابن ماجه (٣١٤٩)، مسند الشافعي (١/ ١٧٥).
(٢) في حاشية (ج): (وكذا في بعض نسخ "التنبيه").
(٣) التمهيد (ص ٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>