للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٥٦٠٨ - قول "الحاوي" [ص ٦٣٧]: (ويباح لخوف ومرض مخوف أكل الحرام، ويجب) المراد بالخوف الذي أطلقه أولًا: الخوف على نفسه، فلو صرح بذلك كما فعل "المنهاج" فقال [ص ٥٤٠]: (ومن خاف على نفسه موتًا أو مَرضا مخوفًا) .. لكان أولى، ومرادهما: مع الاضطرار لذلك، ثم في كلامهما أمور:

أحدها: يستثنى منه العاصي بسفره؛ فليس له أكل الميتة عند الاضطرار على المذهب، وضم إليه شيخنا في "تصحيح المنهاج": مراق الدم؛ كالمرتد والحربي، قال: فلا يجوز لهما تناول الميتة حتى يسلما، قال: وكذا مراق الدم من المسلمين وهو متمكن من إسقاط القتل بالتوبة؛ كتارك الصلاة ومن قتل في قطع الطريق .. فلا يأكلان من الميتة حتى يتوبا، قال: ولم أر من تعرض له، وهو متعين.

ثانيها: يستثنى منه أيضًا: ما إذا أشرف على الموت .. فلا يلزمه أكل، بل ولا يحل له؛ فإنه حينئذ لا ينفع، ذكره في "أصل الروضة" (١).

ثالثها: يضم إلى خوف الموت أو المرض المخوف ما لو خاف طول المرض على الأصح أو الأظهر في "أصل الروضة"، وما لو عيل صبره وأجهده الجوع على الأظهر من زيادة "الروضة"، قال في "أصل الروضة": ولا خلاف في الحل إذا كان يخاف على نفسه لو لم يأكل منه من جوع أو ضعف عن المشي والركوب، وينقطع عن رفقته ويضيع ونحو ذلك (٢)، ولو جوز تلف نفسه وسلامتها على السواء .. حلت له أيضًا كما حكاه الإمام عن صريح كلامهم، وأقره عليه في "الكفاية"، وصوبه بعضهم.

رابعها: قال في "المطلب": إن الجزم باعتبار خوف المرض المخوف هنا مع حكاية الخلاف في إباحة التيمم به لا يستقيم، وقال شيخنا الإمام البلقيني: إنه يخرج من نص "الأم" وظاهر نص "المختصر" في ذلك قولان، ونص "الأم" الإباحة، قال: وإذا جريا في هذه الصورة .. فجريانهما فيما إذا خاف طول المرض أولى.

خامسها: أنهما أطلقا وجوب أكل، والواجب منه سد الرمق دون الشبع، حكاه في "شرح المهذب"عن الدارمي وصاحب "البيان" وآخرين (٣)، قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": وينبغي أن يقيد هذا القيد بما إذا لم يخف الهلاك لو ترك الشبع؛ فإنه يلزمه الشبع على الأصح.

سادسها: ظاهر إطلاقهما التخيير بين أنواع الحرام، لكن لو كانت الميتة نوعين: أحدهما من


(١) الروضة (٣/ ٢٨٢).
(٢) الروضة (٣/ ٢٨٢).
(٣) المجموع (٩/ ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>