للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

جنس المأكول والآخر من غيره؛ كشاة وحمار، أو إحداهما طاهرة في الحياة دون الأخرى؛ كشاة وكلب .. فهل يتخير بينهما أو تتعين الشاة؟ وجهان، قال النووي: ينبغي أن يكون الراجح: ترك الكلب والتخيير في الباقي. انتهى (١).

وحكى الماوردي الوجه الثاني: أنه يتخير إلا أن يكون خنزيرًا (٢)، واستحسنه شيخنا في "تصحيح المنهاج".

واعلم: أنه لو عم الأرض الحرام .. جاز استعمال ما يحتاج إليه ولا يقتصر على الضرورة، قال الإمام: ولا يتبسط فيه كما يتبسط في الحلال، بل يقتصر على الحاجيّ، قال الشيخ عز الدين: صورة المسألة: أن يتوقع معرفة المستحقين في المستقبل، أما عند الإياس .. فلا يتصور؛ لأن المال حينئذ يكون للمصالح العامة (٣).

ولو اضطرت المرأة إلى الطعام فامتنع المالك من بذله إلا بوطئها زنا .. قال المحب الطبري في "شرح التنبيه": لم أر فيه نقلًا، والذي ظهر لي أنه لا يجوز لها تمكينه، وخالف إباحة الميتة في أن الاضطرار فيها إلى نفس المحرم وقد تندفع الضرورة، وهنا الاضطرار ليس إلى المحرم، وإنما جعل المحرم وسيلة إليه، وقد لا تندفع به الضرورة؛ إذ قد يُصِرُّ على المنع بعد وطئها.

٥٦٠٩ - قول "التنبيه" [ص ٨٤]: (فإن اضطر إلى الميتة .. أكل منها قدر ما يسد به الرمق في أحد القولين، وقدر الشبع في الآخر) الأظهر: الأول، وعليه مشى "الحاوي" و"المنهاج" (٤)، وقيده بقيدين:

أحدهما: ألَّا يتوقع حلالًا، فإن توقع حلالًا .. لم يجز غير سد الرمق.

ثانيهما: ألَّا يخاف تلفًا إن اقتصر على سد الرمق (٥)، فإن خاف من ذلك تلفًا .. فله الشبع، وإليه أشار "الحاوي" بقوله [ص ٦٣٧]: (وإن عجز عن السير ويهلك الشبع) وفيه أمور:

أحدها: مقتضى كلام "المنهاج" في القيد الأول القطع عند توقع الحلال بأنه لا يجوز غير سد الرمق، وليس محل قطع، وإنما هو طريقة للإمام؛ ففي "أصل الروضة": أن أكثرهم أطلق الخلاف، وفصل الإمام والغزالي تفصيلًا حاصله: أنه إن كان ببادية وخاف إن لم يشبع لم يقطعها ويهلك .. وجب القطع بالشبع، وإن كان ببلد وتوقع الحلال قبل عود الضرورة .. وجب القطع بعدمه، وإن كان لا يظهر حصول الحلال وأمكنه الرجوع إلى الحرام مرة بعد مرة إن لم يجد


(١) انظر "الروضة" (٣/ ٢٩٠)، "المجموع" (٩/ ٤٤).
(٢) انظر "الحاوي الكبير" (١٥/ ١٧٧).
(٣) قواعد الأحكام في إصلاح الأنام (٢/ ٣١٤)، وانظر "غياث الأمم في التياث الظلم" (ص ٣٩١).
(٤) الحاوي (ص ٦٣٧)، المنهاج (ص ٥٤٠).
(٥) المنهاج (ص ٥٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>