للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الحلال .. فهو موضع الخلاف، قال النووي: هذا التفصيل هو الراجح، والأصح من الخلاف: الاقتصار على سد الرمق (١).

قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": هذا طريق ضعيف مخالف لظواهر نصوص الشافعي رضي الله عنه ولطريقة الجمهور، ثم هو مقيد بالخائف من الموت، فأما من خاف حدوث مرض مخوف أو طول المرض ولا يندفع إلا بالشبع .. فلا يتعين عليه الاقتصار على سد الرمق.

ثانيها: أنه اقتصر في القيد الثاني على خوف التلف، فيزاد عليه: خوف حدوث مرض مخوف أو طوله إن اقتصر.

ثالثها: رجح شيخنا في "تصحيح المنهاج": قول الشبع؛ للأخبار الدالة عليه، قال: وقد قال الشافعي في "اختلاف أهل المدينة وأبي حنيفة" كما نقله المزني: أن الاقتصار على سد الرمق ليس بالبيّن، وصرح في ذبائح بني إسرائيل بأن الأحب إليه أن يكون أكله على ما يقطع عنه الجوع، وأنه لا يتبين له تحريم الشبع، ويظهر من هذا أنه حيث يقول: يقتصر على ما يرد نفسه، محتمل أن يريد بذلك: الاستحباب كما صرح به؛ فقد ترجح بهذا قول الشبع، وأيضًا فإنه إذا خاف التلف إن لم يشبع .. تعيّن الشبع قطعًا، ولا يأتي قول سد الرمق، وليس لنا حالة يقطع فيها بسد الرمق، وحالة توقع الحلال تقدم ردّها، فإن قيل: فقد ذكر البندنيجي والقاضي حسين أن القول بسد الرمق مختار الشافعي .. قلنا: مختاره من جهة الاستحباب لا من جهة تحريم الشبع، وإن أجزأه ما دونه. انتهى.

وهنا تنبيهان:

أحدهما: ليس المراد من الشبع: ألَّا يبقى للطعام مساغ؛ فإن هذا حرام قطعًا، صرح به البندنيجي وأبو الطيب وغيرهما، بل المراد كما قال الإمام: أن يأكل حتى يكسر سورة الجوع بحيث لا يطلق عليه اسم جائع (٢).

ثانيهما: المشهور في سد الرمق: أنه بالسين المهملة، وفي "المهمات": أنه بالشين المعجمة؛ لأن الرمق بقية الروح كما قاله جماعة، وقال بعضهم: القوة.

٥٦١٠ - قول "المنهاج" [ص ٥٤٠]: (وله أكل آدمي ميت) يستثنى منه: ما إذا كان الميت نبيًا .. فلا يجوز الأكل منه قطعًا، حكاه في "أصل الروضة" عن إبراهيم المروذي، وهو واضح، ولا يأكل من غير النبي إلا سد الرمق قطعًا، حكاه في "أصل الروضة" عن الماوردي (٣).


(١) الروضة (٣/ ٢٨٣)، وانظر "نهاية المطلب" (١٨/ ٢٢٦)، و"الوجيز" (٢/ ٢١٦).
(٢) انظر "نهاية المطلب" (١٨/ ٢٢٤).
(٣) الروضة (٣/ ٢٨٤)، وانظر "الحاوي الكبير" (١٥/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>