للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

نعم؛ في "التتمة": الجزم بأنه لا يجزئه الوفاء بما التزمه على هذا القول، وفي "التهذيب" و"التتمة": أنا إذا قلنا: عليه كفارة يمين، وكان العبد الملتزم عتقه معيباً أو كافراً .. لا يجزئ على هذا القول (١)، قال شيخنا: وعندي أن هذا خروج عن المعنى المقتضي لإيجاب الكفارة؛ فإن المعنى في ذلك: التخفيف عن المكلفين، فإن غلّظ المكلف على نفسه بإخراج ماله كله الذي هو مئة ألف مثلًا .. فالمصير إلى أن هذا لا يجزئ، ولا بد من كفارة يمين، ومن جملته إطعام عشرة مساكين خرق عظيم.

فإن قيل: ينعكس هذا بأن يكون الملتزَم فلساً فتكون الكفارة أعظم منه.

قلنا: ليس هذا بالغالب في نذر اللجاج.

فإن قيل: هذا يؤول إلى التخيير فيتحد القولان.

قلنا: ذكر الماوردي: أن الأصحاب اختلفوا على قول التخيير على وجهين: أحدهما: أن الواجب عليه أحدهما، وهما في الواجب سواء.

والثاني: أن الواجب عليه كفارة وله إسقاطها بالنذر؛ لأن حكم اليمين أغلب وهي بالله تعالى أغلظ، وإن كان الوفاء بالنذر أفضل (٢).

فقد أثبت المارودي على التخيير وجهان: أن الواجب الكفارة وله إسقاطها بالنذر، وأن الوفاء أفضل وهو نفس ما جزمنا به على قول التزام الكفارة، لكن قيدنا الأفضلية بأن يكون الملتزم أكثر من الكفارة، وصار معنى الخلاف: أن الواجب الكفارة عيناً، وله أن يسقطها بالقيام بما التزم، أو الواجب أحد الأمرين، واشترط ابن يونس في "شرح التنبيه" في الوفاء بالملتزم: ألَاّ ينقص عن قيمة الكفارة، والمعتمد: جوازه وإن نقص. انتهى.

وانتقد شيخنا أيضاً قول "المنهاج" [ص ٥٥٣]: (ورجحه العراقيون) بأنهم لم يرجحوه على قول الكفارة، بل رجحوه على قول لزوم الوفاء؛ فإنهم لم يذكروا قول الكفارة بمعنى أنه لا يجزئ الملتزم، وإنما ذكروه جازمين عليه بأن له إسقاطها بالملتزم.

٥٨٢٧ - قول "المنهاج" [ص ٥٥٣]: (ولو قال: "إن دخلت .. فعلي كفارة يمين أو نذر " .. لزمته كفارة بالدخول) حكى في "أصل الروضة" عن القاضي حسين وغيره في قوله: (إن دخلت .. فعلي نذر): أن هذا تفريع على قولنا في نذر اللجاج: يجب الكفارة، فإن أوجبنا الوفاء .. لزمته قربة من القرب، والتعيين إليه، وليكن ما يعينه مما يلتزم بالنذر، وعلى قول


(١) التهذيب (٨/ ١٤٨).
(٢) انظر "الحاوي الكبير" (١٥/ ٤٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>