للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": ومقتضاه: أنه ليس له أن يوكل بالمستحق عليه من يلازمه، وصرح في " النهاية " عن والده الشيخ أبي محمد بأنه ليس إليه استيفاء العقوبات، وإنما إليه إثباتها؛ فإن إقامتها استقلالٌ عظيم وخرمٌ لأبهة الولاية، وصحح ما قاله والده (١)، وتبعه عليه الغزالي (٢)، وحمل شيخنا في " تصحيح المنهاج " قوله: (في غير حد لله تعالى) على ما إذا كان مستقلًا، فإن كان في ضمن تحكيم في حق آدمي .. تناوله حكم المحكم، قال: وذلك في صورتين:

أحدهما: إذا حكم الزوجان في اللعان، فلاعن الزوج بأمر المحكم .. توجب حد الزنا على الزوجة ضمنًا، ولها رفعه باللعان، قال: وإنما قلنا هذا؛ لأنهم وجهوا منع التحكيم في العقوبة المتمحضة لحق الله تعالى بأنه لا طالب لها متعين، فيتعذر التحكيم فيها، وفي هذه الصورة الزوج طالب لنفي حد القذف عنه، والزوجة طالبة لحد القذف، فإذا لاعن .. سقط عنه حد القذف ووجب حد الزنا عليها؛ لصحة التحكيم من الزوجين في اللعان المتضمن لإثبات حد الزنا، قال: ولم أر من تعرض لذلك، قال: ولو حكماه في أمر القذف، فأقام الزوج بنية بزناها .. سقط حد القذف عن الزوج، وفي وجوب حد الزنا عليها تردد؛ لتضمن اللعان إيجاب حد الزنا، وقد يسقط حد القذف ولا يجب حد الزنا.

الثانية: حكم السارق والمالك في المال المسروق، فأنكر ونكل وحلف المالك، وقلنا: يثبت القطع باليمين المردودة عند الحاكم .. فكذلك المحكم، ولو أقام بينة .. ففي ثبوت القطع تردد.

٥٩٠٣ - قول " المنهاج " [ص ٥٥٨]: (وفي قول: لا يجوز) جرى على طريقة القولين، ولم يحك الرافعي غيرها، لكن طريقة العراقيين القطع في المال، وحكاها في " الكفاية " عن الجمهور، وعليها مشى " التنبيه "، فلم يحك خلافًا في التحكيم في المال، وإنما حكى الخلاف في أنه يلزم بنفس الحكم أم لا (٣).

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": محل هذا القول فيما إذا لم يكن أحد المحكمين الإمام والآخر منازعه في الإمامة .. فيجوز هنا التحكيم قولًا واحدًا؛ لإجماع الصحابة في قضية على ومعاوية رضي الله عنهم، وكذا لا خلاف في تحكيم الإمام وأهل قلعة من الكفار في نزولهم على حكم فلان، وكذا إذا خلا الزمان عن قيام الإمام بأحكام الإسلام فينفذ حكم المحكم قطعًا، ذكره الإمام في " الغياثي "، قال شيخنا: وينبغي هنا أن يستوفي العقوبات المتعلقة بالآدميين ويحبس في حقوقهم.


(١) نهاية المطلب (١٨/ ٥٨٤).
(٢) انظر " الوجيز " (٢/ ٢٣٨).
(٣) التنبيه (ص ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>