للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٥٩٠٤ - قوله: (ولا ينفذ حكمه إلا على راض به) (١) و" الحاوي " [ص ٦٦٧]: (والحكم على الراضي) قال في " أصل الروضة ": قال السرخسي: وإنما يشترط رضا المتحاكمين إذا لم يكن أحدهما القاضي نفسه، فإن كان .. فهل يشترط رضا الآخر؛ فيه اختلاف نص، والمذهب: أنه لا يشترط، وليكن هذا مبنيًا على جواز الاستخلاف إن جاز؛ فالمرجوع إليه نائب القاضي (٢).

وقال ابن الرفعة: لا يحسن هذا البناء؛ فإن ابن الصباغ وغيره قالوا: إن التحاكم إلى الشخص لا يكون تولية.

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج " وقضية هذا البحث: أنا إن لم نجوز الاستخلاف .. اشترط الرضا من الجانبين، وهو ظاهر، قال: وقضية ذلك: أن يشترط الرضا من الجانبين في التنازع مع الإمام في مال إذا جعلناه محكمًا من متنازعين ولم يجعله نائب الإمام، وقال الشيخ أبو حامد في تحاكم عمر وأبَيّ إلى زيد بن ثابت رضي الله عنهم: فدل على أن حكمه لازم إجماعًا منهم على ذلك، وقال في " الشامل ": لا يصير برضا الإمام بحكمه حاكمًا.

٥٩٠٥ - قول " التنبيه " [ص ٢٥١]: (ويجوز أن يكون في البلد قاضيان وأكثر، ينظر كل واحد منهم في موضع) كذا لو اختص أحدهما بزمن أو نوع، ذكره " المنهاج "، قال [ص ٥٥٨]: (وكذا إن لم يخص في الأصح، إلا أن يشرط اجتماعهما على الحكم) وفيه أمور:

أحدها: أن عبارة " المنهاج " [ص ٥٥٨]: (ولو نصب قاضيين) فقد يفهم اختصاص ذلك باثنين، ورفع " التنبيه " هذا الإبهام بقوله: (وأكثر) ولكنه لم يذكر لذلك حدًا، وقد قال الماوردي: إن كثروا - يعني: والصورة إثبات الاستقلال لكل واحد - .. لم يصح جزمًا، ولم يحد الكثرة بشئ، وفي " المطلب " بعد حكايته لجواز أن يناط ذلك بقدر الحاجة .. وعندي أن يرجع في ذلك إلى العرف.

ثانيها: قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": إن ظاهره التخصيص بمكان الحكم، وهذا لا يخلص في الجزم بالجواز؛ لأنه إذا خصص مكان الحكم، ولكن عمم مكان الطلب .. فلا يجزم فيه بالجواز؛ لأن المعنى المذكور في توجيه المنع من تنازع الخصمين في اختيارهما وفي إجابة داعيهما موجود هنا، قال: فالصواب أن يقال: وخصص كلًا منهما بمكان حكمًا وطلبًا.

ثالثها: أن محل الخلاف: فيما إذا جعلهما أصلين، فإن جعل أحدهما .. أصلًا والآخر خليفة عنه .. جاز قطعًا؛ لأن المعنى المقتضي للمنع: تنازع الخصمين في اختيارهما وإجابة داعيهما، وهنا يجاب داعي الأصل كالإمام مع القاضي.


(١) انظر " المنهاج " (ص ٥٥٨).
(٢) الروضة (١١/ ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>