للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثانيها: قد يفهم أنه يقضي في هذه الصورة بعلمه، وليس كذلك كما صرح به الشاشي في " الحلية "، قال في " المهمات ": وفي كلام الرافعي إشارة إليه؛ فإنه أطلق منعه عن القضاء (١)، وكأن معناه: قوة التهمة.

قلت: وكذا أطلق في " المحرر " منع القضاء (٢)، ففات " المنهاج " منه هذه الإشارة، وصرح به أيضًا الماوردي، لكن قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": إن الماوردي إنما بناه على منع القضاء بالعلم، وإن الشاشي أخذه منه (٣)، ووهم في إطلاقه المنع من غير تفريعه على ذلك القول.

وقال في " التوشيح ": قد يتوقف في منع قضائه بعلمه هنا؛ فإنه إذا تحقق كذبهم في المشهود به .. كان أولى بدفع قولهم من تحقق جرحهم، ولو تحقق جرحهم .. لرد شهادتهم وكان فيه الحكم بعلمه المعارض لشهادتهم فليحكم هنا بطريق أولى.

ثالثها: قال في " المهمات ": في هذا التعبير تجوز، فإن من يقضي بشهادة شاهدين لا يعلم كذبهما ولا صدقهما قاض بخلاف علمه مع أن قضاءه نافذ بالاتفاق؛ فالصواب: بما يعلم خلافه، وبه عبر الماوردي وغيره (٤).

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": وهذا الاعتراض غير صحيح؛ لأن الذي يقضي به القاضي هو الذي شهد به الشاهدان لا صدقهما، فلم يقض حينئذ على خلاف علمه ولا بما يعلم خلافه؛ فالعبارتان مستويتان على ما قررناه.

رابعها: قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": إن أراد العلم القطعي الذي لا يحتمل النقيض .. لم يطابق تمثيل " المحرر " له بما إذا علم أن المدعي أبرأه مما يدعيه، أو أن مدعي النكاح طلق ثلاثًا (٥)، وإن أراد الظن .. فقد قامت عنده البينة بخلاف ظنه؛ فإذا قلنا: يقضي بعلمه .. فقد تعارض عنده ظنان؛ فكان ينبغي أن يخرج على الأقوال في تعارض البينتين، ولم نر من قال به، وإن قلنا: لا يقضي بعلمه .. فينبغي أن يقضي بما قامت به البينة؛ لأنه لم يعارضه ما يقضي به، وسيأتي من نقل الماوردي ما يشهد له.

قلت: قد يريد العلم القطعي، ومثالا " المحرر " لا ينافيان ذلك، وقد يريد الظن، ولا تعارض؛ لأن علمه بالإبراء مثلًا ناقل، فلو قامت به بينة .. لكانت مقدمة؛ [فلذلك علمه] (٦)


(١) انظر " فتح العزيز " (١٢/ ٤٨٨).
(٢) المحرر (ص ٤٨٨).
(٣) انظر " الحاوي الكبير " (١٦/ ٣٢٥)، و " حلية العلماء " (٣/ ١١٦٨).
(٤) انظر " الحاوي الكبير " (١٦/ ٣٢٥).
(٥) المحرر (ص ٤٨٨).
(٦) في (د): (فكذلك حكمه).

<<  <  ج: ص:  >  >>