للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استوى الأمران .. اعتمد الحجة بعد قوة الاجتهاد، وقد صرح الأصحاب بأن الوارث في مثل ذلك إنما يحلف على نفي العلم، فكيف يحسن قياس هذا على غريم الغائب الذي يحلف على البت؟ وينبغي للقاضي إذا حكم .. لا يهمل أن يكتب مكتوبًا بيد المحكوم عليه أن له تحليف المحكوم له إذا بلغ، ثم قال: ولو أن الصبي الذي حكمنا له وألزمناه اليمين بعد بلوغه نكل عنها بعد البلوغ ... فالوجه أن يقال: يحلف الدافع على ما ادعاه من البراءة، ويرجع على الصبي بما قبض له. انتهى (١).

٦٠٢١ - قول " التنبيه " [ص ٢٥٦]: (فإذا قدم الغائب أو بلغ الصبي .. فهو على حجته) قال في " الكفاية ": ظاهره أنه على حجته وإن لم يشترط الحاكم ذلك في الحكم، وقال الماوردي: إن القاضي يشترط في حكمه على الغائب أنه جعله على حجته إن كانت له حجة؛ لئلا يقتضي إطلاق حكمه عليه إبطال حجته (٢).

٦٠٢٢ - قول " المنهاج " [ص ٥٦٣]: (ولو ادعى وكيل - أي: عن غائب - على الغائب .. فلا تحليف) أي: لا يتوقف الحكم بالبينة على يمين الوكيل، بل يعطى المال المدعى به.

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": إنه ممنوع وإن إيجاب التحليف هو المعتمد، ثم استشهد بما تقدم قريبًا فيما لو أقام قيم طفل بينة على قيم طفل، وقال: يؤخر مستحق الطفل إلى بلوغه، وتكون المدة طويلة، وتؤدي إلى ضياع حقه، ولا يؤخر حق الغائب الذي يمكن حضوره بعد يوم أو يومين إلى أن يحضر، هذا من العجائب؛ والمعتمد عندنا: أنه لا يقضي هنا على الغائب حتى يحضر المدعى له ويحلف اليمين الواجبة، ثم قال: أطلق قوله: (فلا تحليف)، لكن لو قال الحاضر الذي يدعي عليه الوكيل: أنت تعلم أن موكلك أبرأني فاحلف أنك لا تعلم ذلك .. ففي " أصل الروضة " عن الشيخ أبي حامد: أن له تحليفه على نفي العلم بالإبراء، ومن الأصحاب من خالفه (٣)، قال الرافعي: ولك أن تقول: مقتضى ما ذكره الشيخ أبو حامد: أن يحلف القاضي وكيل المدعي على الغائب على نفي العلم بالإبراء، وسائر الأسباب المسقطة نيابة عن المدعى عليه فيما يتصور منه لو حضر كما ناب عنه في تحليفه من يدعي لنفسه (٤)، قال شيخنا: نحن لا نثبت ذلك، ونقطع بأن الوكيل لا يحلفه القاضي التحليف المذكور من جهته؛ لأن المدعى عليه إذا كان حاضرًا .. يستفيد بذلك إسقاط مطالبة الوكيل، وأما يمين الاستظهار .. فمصبّها أن المال ثابت في ذمة الغائب، وهذا لا يتأتى من الوكيل؛ فلم يبق إلا إسقاط يمين الاستظهار على ما ذكره الإمام


(١) انظر " فتاوى السبكي " (١/ ٣٢٤، ٣٢٥).
(٢) انظر " الحاوي الكبير " (١٦/ ٣٠٤).
(٣) الروضة (١١/ ١٧٧).
(٤) انظر " فتح العزيز " (١٢/ ٥١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>