للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن تبعه، أو امتناع القضاء على الغائب على ما قررناه، وهو المعتمد؛ لقيام الدليل عليه.

٦٠٢٣ - قوله: (ولو حضر المدعى عليه وقال لوكيل المدعي: " أبرأني موكلك " .. أُمر بالتسليم) (١) فيه أمران:

أحدهما: هذه مسألة مبتدأة ليست من تمام التي قبلها ولا هي في الحقيقة من فروع هذا الباب، وصورتها: أن يكون المدعى عليه حاضرًا وموكل المدعي غائبًا، وهل المراد: الغيبة المعتبرة في القضاء عليه وهي الزائدة على مسافة العدوى، أو مطلق الغيبة عن البلد؛ رجح شيخنا في " تصحيح المنهاج ": الثاني، وقال: لم أر من تعرض للتصريح به.

ثانيهما: يرد على إطلاق الأمر بالتسليم: ما لو طلب الحاضر من الوكيل الحلف على نفي العلم بأن موكله أبرأه .. فإنه يجاب إليه كما تقدم عن الشيخ أبي حامد، وهو الأصح، وفي معناه: دعواه علمه بأن موكله استوفى أو أنه عزله عن الوكالة، والتحليف فيها هو قياس نظائره في دعواه ما ليس حقًا له، لكن ينفعه في ذلك، والله أعلم.

٦٠٢٤ - قول " المنهاج " [ص ٥٦٣]: (وإذا ثبت مال على غائب وله مال .. قضاه الحاكم منه) و" الحاوي " [ص ٦٧٨]: (ووفى من ماله إن حضر) قيده شيخنا في " تصحيح المنهاج " بقيدين:

أحدهما: أن محله: ما إذا لم يجبر الحاضر على دفع مقابله للغائب، فإن أجبر؛ كالزوجة تدعي بصداقها الحال قبل الدخول على الغائب .. فلا يوفيها القاضي من ماله الحاضر؛ لأن الزوج والزوجة يجبران، وقضية إجبارهما امتناع قضاء الصداق من مال الغائب، ومثله لو كان البائع حاضرًا وادعى بالثمن على المشتري الغائب .. فلا تسمع هذه الدعوى؛ لأنه لا يلزم الغائب تسليمه؛ لأن البائع يجبر على التسليم أولًا، وحيث قلنا: يجبران .. فالحكم كما في الزوجين.

ثانيهما: ومحله أيضًا: ما إذا لم يتعلق بالمال الحاضر حق، فإن تعلق به؛ كمالٍ وجد للغائب وهناك بائع له .. لم يقبضه الثمن، وطلب من الحاكم الحجر على المشتري الغائب حيث استحق البائع ذلك؛ فإن القاضي لا يوفي مدعي الدين من المال الحاضر، ويجيب طالب الحجر إلى مدعاه، ولو كان للغائب من تلزمه نفقته من زوجة أو قريب .. قدمت نفقتهما ذلك اليوم على صاحب الدين؛ لأنه إذا قدم ذلك في المحجور عليه بالفلس .. فغير المحجور عليه أولى، فإن كان مرهونًا أو عبدًا جانيًا وهناك فضلة .. فهل للقاضي بطلب صاحب الدين أن يلزم المرتهن والمجني عليه بأخذ مستحقهما بطريقه ليوفي ما بقي من ذلك لمدعي الدين على الغائب، أم ليس له ذلك؟ قال: هذا موضع نظر، والأرجح: إجابة صاحب الدين لذلك، ولم أر من تعرض لشيء من ذلك (٢).


(١) انظر " المنهاج " (ص ٥٦٣).
(٢) انظر " حاشية الرملي " (٤/ ٣٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>