للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" المنهاج " [ص ٥٦٤]: (أو غائبة عن المجلس لا البلد .. أُمر بإحضار ما يمكن إحضاره) لأن الشيء قد يكون ممكن الإحضار لكن فيه عسر، فلا يكلف إحضاره، وذلك كشيء ثقيل أو ثبت في الأرض أو جدار وضر قلعه .. فيبعث القاضي من يسمع البينة على عينه أو يحضر هو بنفسه.

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": هذا إذا كان الذي يمكن إحضاره يعرفه المدعي والشهود، ويشخصه المدعي، فإن كانت الدعوى في ثياب مشتبهة؛ كالنصافي والبعلبكي وغير ذلك مما لا يعرفه المدعي .. فلا يؤمر المدعى عليه بإحضاره؛ لأن المدعي لم يشخص شيئًا والمدعى عليه منكر، وقد قال الغزالي في الكرباس نحو ذلك، فقال: إذ المنكر لا يلزمه إحضاره الكرباس؛ لأنه يتماثل وإن أحضر (١).

وفي " المطلب ": أن كلام الغزالي يفهم أن الكرباس لو كان حاضرًا بمجلس الحكم .. لم تسمع البينة على عينه؛ لما يطرقه من الاشتباه، وهذا لا يكاد يسمح به؛ ولذلك قال الرافعي: ولا شك في بعد هذا الكلام (٢).

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": إنما كلام الغزالي في العين الغائبة؛ فإن التماثل فيها قائم وإن أحضرت الغائبة؛ لأن التي أحضرت لم تقع الدعوى بها مشخصة؛ فالتماثل حاصل وإن حصل الإحضار بعد الغيبة، بخلاف الحاضرة في ابتداء الأمر المشخصة في الدعوى إذا شهد الشهود على عينها .. لا يتأتى فيها التباس (٣).

٦٠٤٩ - قول " المنهاج " [ص ٥٦٤]: (ولا تسمع شهادة بصفة) أي: هنا، واستثنى منه شيخنا في " تصحيح المنهاج " موضعين:

أحدهما: أن يعرفه القاضي بدون إحضاره كما ذكره الإمام والغزالي (٤).

قال الرافعي: وهو واضح إن كان معروفًا عند الناس أيضًا، وإن اختص هو بمعرفته وعلم صدق المدعي .. فكذلك تفريعًا على القضاء بالعلم، وإلا .. فالبينة قامت بالصفة، فإذا لم تسمع بالصفة .. امتنع الحكم (٥).

وأجاب عنه في " المطلب ": بأن البينة قد تشير إليه في الغيبة وإن لم يكن مشهورًا؛ بأن علمت أن القاضي رآه في وقت مخصوص رؤية يتميز بها عنده عن غيره، فشهدت على العبد الذي رآه ذلك الوقت، قال: وأيضًا فقد يقال: الممنوع الشهادة على الوصف بحيث لا يحصل للقاضي به معرفة


(١) انظر " الوسيط " (٧/ ٣٣٠).
(٢) انظر " فتح العزيز " (١٢/ ٥٣١).
(٣) انظر " حاشية الرملي " (٤/ ٣٢٣، ٣٢٤).
(٤) انظر " نهاية المطلب " (١٨/ ٥٢٩، ٥٣٠)، و " الوجيز " (٢/ ٢٤٤).
(٥) انظر " فتح العزيز " (١٢/ ٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>