للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

هذا نفس العدالة لا شرط فيها، وعبارة " التنبيه " [ص ٢٦٩]: (ولا تقبل من صاحب كبيرة ولا مدمن على صغيرة) و" الحاوي " بعد قوله [ص ٦٦٨]: (عدلًا: ما باشر كبيرة وما أصر على صغيرة) وقال بعضهم: لو عبر " الحاوي " بقوله: (ما أقدم) بدل (ما باشر) .. لكان أولى؛ ليدخل فيه من وطئ زوجته ظانًا أنها أجنبية .. فإنه غير عدل، ومرادهم بالكبيرة: غير الكبائر الاعتقادية التي هي البدع؛ فإن الراجح: قبول شهادة أهل البدع ما لم نكفرهم.

واستثنى الشافعي رضي الله عنه: الخطابية (١)؛ لأنهم يشهدون بالزور لموافقيهم اعتمادًا على أنهم لا يكذبون (٢)، وحمله بعضهم على ما إذا لم يذكر في شهادته ما يقطع احتمال الاعتماد على قول المدعي، فإن ذكره؛ بأن قال: سمعته يقر لفلان بكذا .. قبلت.

وقال بعضهم: عطف الإصرار على الكبائر من ذكر الخاص بعد العام؛ لأنه كبيرة، وقال في " أصل الروضة ": وهل الإصرار السالب للعدالة المداومة على نوع من الصغائر، أم الإكثار من الصغائر سواء كانت من نوع أو أنواع؟ فيه وجهان، يوافق الثاني قول الجمهور: من غلبت طاعته معاصيه .. كان عدلًا وعكسه فاسق، ولفظ الشافعي رضي الله عنه في " المختصر " يوافقه، فعلى هذا لا تضر المداومة على نوع من الصغائر إذا غلبت الطاعات، وعلى الأول يضر (٣).

واعترضه في " المطلب ": بأن مقتضاه: أن مداومة النوع الواحد مضر على الوجهين، أما على الأول فظاهر، وأما على الثاني فلأنه في ضمن حكايته، قال: إن الإكثار من نوع واحد كالإكثار من الأنواع، وحينئذ .. لا يحسن معه التفصيل.

نعم؛ يظهر أثرهما فيما لو أتى بأنواع من الصغائر، إن قلنا بالأول .. لم يضر؛ لمشقة كف النفس عنه، وهو ما حكاه في " الإبانة " وإن قلنا بالثاني .. ضر، وتبعه في " المهمات "، وقال: ويدل على ما ذكرناه أنه خالف المذكور هنا، وجزم في الكلام على الأولياء وفي الرضاع بأن المداومة على النوع الواحد يصيره كبيرة.

وأجاب عنه شيخنا في " تصحيح المنهاج ": بأن الإكثار من النوع غير المداومة عليه؛ فإن المراد: الأكثرية التي تغلب بها معاصيه على طاعته، وهذا غير المداومة؛ فالمؤثر على الثاني إنما هو الغلبة لا المداومة، قال: فيزاد على قول " الروضة ": إن على الثاني لا تضر المداومة على نوع من الصغائر ولا على أنواع إذا غلبت طاعاته معاصيه، قال: فيكون الاحتمالان على هذا مختلفين


(١) انظر " مختصر المزني " (ص ٢٥٨).
(٢) الخطابية: هم أصحاب أبي الخطاب الأسدي الكوفي، كان يقول بألوهية جعفر الصادق ثم ادعى الألوهية لنفسه. انظر " نهاية المحتاج " (٨/ ٣٠٥).
(٣) الروضة (١١/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>