للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أنه أخرج الكناس والمذكورين معه أولًا عن أصحاب الحرف الدنيئة، والمنقول في الأربعة المذكورين أولًا: أنهم من أهل الحرف الدنيئة، وممن صرح بذلك هو في " المهذب " (١)، وعليه مشى " المنهاج " فقال [ص ٥٦٩]: (وحرفة دنيئة كحجامة وكنس ودبغ) فسوّى بين الكناس والحجام.

ثانيهما: أنه أطلق محل الخلاف في أصحاب المكاسب الدنيئة، وكذا فعل الجمهور، وقال الغزالي: الوجهان في أصحاب الحرف هما فيمن يليق به وكان ذلك صنعة آبائه، فأما غيره فتسقط مروءته بها (٢)، قال الرافعي: وهذا حسن، ومقتضاه: أن يقال: الإسكاف والقصاب إذا اشتغلا بالكنس .. بطلت مروءتهما، بخلاف العكس (٣)، وعليه مشى " المنهاج " فقيد رد شهادة ذي الحرفة الدنيئة بأن لا يليق به، ثم قال: (فإن اعتادها وكانت حرفة أبيه .. فلا في الأصح) (٤)، وكذا في " الشرح الصغير "، وعلى ذلك يحمل إطلاق " الحاوي " في عد مسقط المروءة وحرف دنيئة.

لكن قال النووي في " الروضة ": لم يتعرض الجمهور لهذا القيد، وينبغي أن لا يقيد بصنعة آبائه، بل ينظر هل يليق به هو أم لا (٥).

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": مقتضاه: أنه لا خلاف في رد شهادة من لم يعتدها ولا كانت حرفة أبيه، وهذا لا يعرف في كلام أحد من الأصحاب في الطريقين إلا في " الوسيط " و" الوجيز " (٦)، ثم بسط ذلك، وقال قبل ذلك: الخياطة ليست حرفة دنيئة قطعًا، والحرفة التي فيها مخامرة النجاسة دنيئة قطعًا، وما بينهما فيه التردد، لكن ترجح في الصباغ والصواغ القطع بالقبول، وفي الحائك إجراء الخلاف، والأرجح عندي: القطع فيه بالقبول أيضًا، وكذا الأرجح في النحال: قبول شهادته خلافًا لمن قطع بردها كـ " التنبيه "، ولا يظهر فيه ما يقتضي رد شهادته ولا دناءة حرفته. انتهى.

وقول " التنبيه ": (والقوال) موافق لنقل الرافعي من مسقطات المروءة الاكتساب بالشعر والغناء ثم قال: وقد يقال: إذا استمرت العادة أن الشاعر يكتسب بشعره والمغني يتخذ صنعة الغناء حرفة ومكسبًا .. فالاشتغال به ممن يليق بحاله لا يكون تركًا للمروءة، وكلام الأصحاب محمول


(١) المهذب (٢/ ٣٢٥).
(٢) انظر " الوسيط " (٧/ ٣٥٣).
(٣) انظر " فتح العزيز " (١٣/ ٢٢).
(٤) المنهاج (ص ٥٦٩).
(٥) الروضة (١١/ ٢٣٣).
(٦) الوسيط (٧/ ٣٥٣)، الوجيز (٢/ ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>