للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: والشهادة بالحمل وبالقيمة خارجة عن ذلك كله، والله أعلم.

٦١٩٥ - قول "المنهاج" [ص ٥٧١]: (ومن سمع قول شخص أو رأى فعله؛ فإن عرف عينه واسمه ونسبه .. شهد عليه في حضوره إشارةً، وعند غيبته وموته باسمه ونسبه) فيه أمران:

أحدهما: ظاهر إطلاق النسب الاكتفاء بالأب، لكن في "أصل الروضة": إن كان يعرفه باسمه واسم أبيه دون جده .. قال الغزالي: يقتصر عليه في الشهادة، فإن عرفه القاضي بذلك .. جاز، ثم قال: ويحتمل أن يقال هذه شهادة على مجهول؛ فلا تصح كما سبق في القضاء على الغائب أن القاضي لو لم يكتب إلا: (أني حكمت على محمد بن أحمد) .. فالحكم باطل، وقد ذكر الشيخ أبو الفرج أنه إذا لم يعرف نسبه قدر ما يحتاج إلى رفعه .. لا يحل له أن يشهد إلا بما عرف، لكن الشهادة و - الحالة هذه لا تفيد، وقال الإمام: لو لم يعرفه إلا باسمه .. لم يتعرض لاسم أبيه، لكن الشهادة على مجرد الاسم قد لا تنفع في الغيبة. انتهى (١).

ولا منافاة بين كلام الغزالي وبحث الرافعي؛ فإن كلام الغزالي فيما إذا عرف بذلك، وتصويرهم في الغائب لمحمد بن أحمد يدل على عدم معرفته بذلك؛ لكثرة التسمية بهذين الاسمين، فالمدار على المعرفة؛ ويدل لذلك قول الرافعي قبله بعد ذكر اسمه واسم أبيه وجده وحليته وصنعته وإذا حصل الإعلام ببعض ما ذكرناه .. اكتفي به. انتهى (٢).

فيدخل فيه ما إذا حصل الإعلام بذكر أبيه خاصة، بل قد يدخل فيه ما إذا حصل الإعلام باسمه خاصة؛ كالشهادة في زمننا على سلطان الديار المصرية والشامية برقوق لا يحتاج معه إلى شيء آخر ولو كان بعد موته، وبهذا يزول الإشكال في الشهادة على عتقاء السلطان والأمراء وغيرهم ببلادنا وغيرها؛ فإنه لا يعرف أنسابهم غالباً، فيكتفي بذكر أسمائهم مع ما حصل به التمييز من أوصافهم، وعليه العمل عند الحكام ببلادنا.

وقال شيخنا في "تصحمِح المنهاج" بعد ذكر هذه النقول: وظهر منها أن المدار على ذكر ما يعرف به كيف ما كان، وقال: إن مقتضى كلام الإمام: أن الشهادة على مجرد الاسم قد تنفع عند الشهرة وعدم المشارك. انتهى.

ثانيهما: مقتضاه: أن مجرد الموت مانع من الشهادة على عينه، وتتعين فيه الشهادة على الاسم والنسب، وليس كذلك؛ فإنه متى أمكن إحضاره بعد موته؛ ليشهد على عينه .. فُعل، فإن دفن .. لم ينبش، وقد تعذرت الشهادة عليه، قاله في "أصل الروضة"، وقال: كذا قاله القاضي حسين والإمام والغزالي، لكن استثنى الغزالي: ما إذا اشتدت الحاجة إليه ولم يطل العهد بحيث يتغير


(١) الروضة (١١/ ٢٦١).
(٢) انظر "فتح العزيز" (١٢/ ٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>