للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبهيمته ليس فعل غيره، ووجهه في العبد: أنه ماله وفعله كفعله؛ ولذلك سمعت الدعوى عليه، وفي البهيمة: أنه لا ذمة لها، والمالك لا يضمن بفعل البهيمة، بل بتقصيره في حفظها، وذلك أمر يتعلق بنفس الحالف، وإليه أشار بقوله: (قصر بتسريحها).

قال شيخنا في "تصحيح المنهاج" وقوله: (قطعًا) قد لا يسلم له؛ ففي "الوسيط" ما يشعر بخلاف فيه؛ حيث قال: (فالظاهر أنه يلزمه) (١)، وأورد شيخنا في "تصحيح المنهاج" مع ذلك مسائل عنها أجوبة كما قدمناه في الذي قبله؛ فلذلك لم أطول بذكرها، ثم قال: ومختصر هذا المبسوط: أن اليمين إن كانت في جانب المدعى عليه في الإثبات .. فعلى البت، أو في النفي والمطلوب بالدعوى لاقاه ابتداء، ويمكن اطلاعه على سبب الملاقاة حالة صدوره، وليس مما يغيب غالبًا عن المدعى عليه .. فالحلف فيه على البت وإن لم يلاقه ابتداء؛ لأنه وارث، أو لأنه لا تعلق له بالسبب المدعى به عند صدوره، أو لاقاه ابتداء لكن لا يمكن اطلاعه (٢) على سبب الملاقاة، وليس من شأنه أن يشتهر؛ فالحلف فيه على نفي العلم، وإن كانت اليمين من جانب المدعي .. فهي على البت دائمًا، إلا إذا كانت لدفع معارض لا لإثبات المطلوب مع تصور الحلف فيه على نفي العلم، وفي "المطلب" ضبط مختصر، وهي أن كل يمين على البت إلا نفي فعل الغير قال: وقد قالها البندنيجي وغيره، واقتصر عليها في "الروضة"، وهي تنتقض بما إذا ادعى المودع التلف ولم يحلف .. فإن المذهب كما قاله الإِمام: أن المودع يحلف على نفي العلم، وقال شيخنا المذكور في حواشي "الروضة": الاختصار المعتبر أن يقال: يحلف على البت في كل يمين إلا فيما يتعلق بالوارث فيما ينفيه، وكذلك العاقلة بناء على أن الوجوب لاقى القاتل، ثم استثنى شيخنا المذكور من الخلاف في الحلف على نفي فعل عبده صورتين:

إحداهما: إذا كان العبد مجنونًا ضاريًا بطبعه كالبهيمة .. فعلى السيد حفظه، فإن قصر السيد فأتلف هذا الضاري شيئًا .. فهو كالبهيمة.

الثانية: إذا أمر عبده الذي لا يميز أو الأعجمي الذي يعتقد وجوب طاعه السيد في كل ما يأمره به .. فالجاني هو السيد ويحلف على البت قطعًا، ولا يأتي فيه ما تقدم في البهيمة؛ لوجود أمره المنزل منزلة فعله.

٦٢٩٩ - قول "المنهاج" [ص ٥٧٩]: (ولو ادعى دينًا لمورثه فقال: "أبرأني" .. حلف على نفي العلم بالبراءة) لا بد أن يضم إليه: (وأنت تعلم أنه أبرأني منه)، قال في "أصل الروضة":


(١) الوسيط (٧/ ٤١٩).
(٢) في (ب)، (ج): (لكن يمكن اطلاعه)، والمثبت من (د). انظر "حاشية الرملي" (٤/ ٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>