للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن فسرناه بأنه البالغ .. اقتضى كلامه أن الأفضل للصبي: البيت، ولم أر ذلك مصرحًا به؛ ولعله فيمن يخشى الفتنة به لجماله.

الأمر الثالث: قد يفهم من تقييده أفضلية كثرة الجمع بكونه في المساجد: أنَّه لو كانت جماعة المسجد أقل من جماعة بيته .. فالمسجد أولى، وبه صرح الماوردي (١)، وهو مقتضى إطلاق الرافعي (٢)، وقال القاضي أَبو الطيب: بيته أولى، ولا يفهم من عبارة "المنهاج" و"الحاوي" في ذلك شيء؛ لأنهما ذكرا أفضلية المسجد وأفضلية كثرة الجمع وسكتا عن تعارضهما، ويستثنى من هذا الخلاف: ما لو كانت الجماعة القليلة في أحد المساجد الثلاثة، بل الانفراد فيها أفضل من الجماعة في غيرها كما صرح به المتولي، ونظير تعارض كثرة الجماعة والمسجد: إذا كان لو صلى منفردًا .. خشع، ولو صلى في جماعة .. لم يخشع، فأفتى الغزالي بأن الانفراد أفضل (٣)، فتستثنى هذه الصورة من كلامهم إن صح ذلك، أما لو كان إذا صلى في بيته صلى جماعة وإذا صلى في المسجد صلى وحده .. ففي بيته أولى.

٦٧٧ - قول "التنبيه" [ص ٣٨]: (فإن كان للمسجد إمام راتب .. كره لغيره إقامة الجماعة فيه) فيه أمران:

أحدهما: أن هذا في غير المسجد المطروق.

ثانيهما: ويستثنى من غير المطروق: ما إذا لم يحضر الإمام وخيف من انتظاره فوات أول الوقت ولم يخش فتنة، فإن خيف فتنة .. صلوا فرادى، ويستحب لهم الإعادة معه إن حضر بعد ذلك، كذا في زيادة "الروضة" (٤)، قال في "المهمات": وخالف في "شرح المهذب"، فحكى عن الشَّافعي والأصحاب في خوف الفتنة أنَّه إذا طال الانتظار وخافوا فوت الوقت كله .. صلوا جماعة (٥).

قلت: لا مُخَالَفَةُ بينهما؛ لأن كلام "الروضة" فيما إذا خيف فوت أول الوقت، وكلام "شرح المهذب" فيما إذا خيف فوت الوقت كله، وهذا واضح، والله أعلم.

٦٧٨ - قول "المنهاج" في فضيلة تكبيرة الإحرام [ص ١١٨]: (وإنَّما تحصل بالاشتغال بالتحرم عقب تحرم إمامه) وهو مثل قول "الحاوي" [ص ١٧٦]: (وفضل التحرم بشهوده والاتباع) وفي "شرح المهذب": لو أخر لوسوسة .. حصلت الفضيلة (٦).


(١) انظر "الحاوي الكبير" (٢/ ٣٠٣).
(٢) انظر "فتح العزيز" (٢/ ١٤٣).
(٣) انظر "الوجيز" (١/ ٧٤).
(٤) الروضة (١/ ٣٥٧).
(٥) المجموع (٤/ ١٨٠).
(٦) المجموع (٤/ ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>