للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يرضى بتطويله محصورون) مراده: إلَّا أن يكون المأمومون كلهم راضين محصورين، وعبارته لا تعطي ذلك، بل تعطي أنَّه متى رضي محصورون وإن كانوا بعض المأمومين .. ندب التطويل، وعبارة "المحرر": (إلَّا أن يرضى الجميع بالتطويل، وهم محصورون) (١)، وكذلك قول "التنبيه" [ص ٣٨]: (إلَّا أن يعلم من حال المأمومين أنهم يؤثرون التطويل)، وكلاهما وافٍ بالغرض وإن كانت الأولى أصرح، وفي "فتاوى ابن الصلاح": لو آثروا التطويل إلَّا واحدًا أو اثنين: فإن قل حضوره .. خفف، وإن كثر .. طول؛ لئلا يفوت حقهم لواحد (٢)، قال النووي: وهو حسن متعين (٣)، وخالفهما السبكي.

واعلم: أنهما استثنيا حالة رضى المأمومين من استحباب التخفيف، فمفهومه: أنهم إذا رضوا .. لا يستحب التخفيف، ولا يلزم من ذلك استحباب التطويل، بل يصدق باستواء الطرفين، ويوافق ذلك تعبير "الروضة" بأنه لا بأس بالتطويل (٤)، لكن ذكر السبكي والإسنوي وغيرهما أنَّه مستحب، وهذا هو الحق، وغايته: أن عدم رضى المأمومين المحصورين مانع من التطويل، فإذا رضوا .. زال ذلك المانع وعاد الأمر إلى ما كان عليه قبل ذلك، وهو الاستحباب، وإنَّما سكتا عن التصريح بحكم هذا المستثنى؛ لوضوحه وتقريره قبل ذلك، ومن الغريب أن الدارمي حكى في "الاستذكار" وجهين في استحباب التطويل عند رضى المحصورين، وفي المنفرد أيضًا.

٦٨٣ - قول "المنهاج" [ص ١١٨]: (ويكره التطويل ليلحق آخرون) استشكله السبكي: بأن المختار: تطويل الركعة الأولى؛ لحديث أبي قَتَادة في "الصحيحين": (أنَّه عليه الصلاة والسلام كان يفعله) (٥)، وعلل بإدراك القاصدين لها، وجاء التعليل مصرحًا به في رواية صحيحة: (كي يُدْرِكَ الناس) (٦)، وفي رواية ضعيفة: (يقوم حتَّى لا يُسْمَعَ وَقْعُ قَدَمٍ) (٧) فإذن انتظارهم قائمًا ليأتوا أفواجًا أفواجًا غير مكروه، إلَّا إذا آذى الحاضرين .. فيكره، ثم جزمهم بالكراهة هنا ليس منافيا للخلاف في المسألة عقبها؛ فإن تلك فيمن دخل المسجد وعرف به الإمام، وهذه بخلافها.

٦٨٤ - قول "التنبيه" [ص ٣٨]: (وإذا أحس الإمام بداخل وهو راكع .. استحب له أن ينتظره في أصح القولين، ويكره في القول الآخر) فيه أمور:


(١) المحرر (ص ٥٠).
(٢) فتاوى ابن الصلاح (١/ ٢٣٤).
(٣) انظر "المجموع" (٤/ ١٩٩).
(٤) الروضة (١/ ٣٤٢).
(٥) البخاري (٧٢٥)، مسلم (٤٥١).
(٦) أخرجه أَبو داوود (٨٠٠)، وعبد الرزاق (٢٦٧٥)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢٣١٦) من حديث أبي قَتَادة.
(٧) أخرجه أَبو داوود (٨٠٢)، وأحمد (١٩١٦٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢٣١٧) من حديث عبد الله بنُ أبي أوفى.

<<  <  ج: ص:  >  >>