للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثانية؛ لأنها حينئذ تفوت، وعبر عنه شيخنا الإسنوي في "تصحيحه" بـ (الصواب) (١)، ويوافقه تعبير "المنهاج" بـ (اليأس من الجمعة) (٢)، وقد يُدعى موافقتها لوجه محكي أنه يراعى تصور الإدراك في حق كل واحد، فمن بَعُد منزله ولو سعى لم يدرك .. فهو آيس وإن لم يرفع الإمام رأسه.

وللسبكي هنا بحثان:

أحدهما: أنهم لم يفرقوا في إمكان زوال العذر بين النادر وغيره، وقياس ذلك: أن يقال: لا يحصل اليأس إلا بالفراغ منها؛ لأنه يحتمل أن تفسد ويعيدونها .. فيحصل الإدراك، ويؤيده ما سيأتي في غير المعذور، قال: والوجه: أن يقال في غير المعذور: بمراعاة الاحتمال وإن بعد، وفي المعذور: بالاحتمال القريب دون البعيد.

البحث الثاني: قال السبكي: لم يخرجوه على ما إذا تعارض فضيلة أول الوقت مع الجماعة أو مع الوضوء، ولو قيد به .. لم يبعد.

الأمر الثاني: لم يفرق العراقيون بين من يرجو زوال عذره وغيره، قال في "الكفاية": وهو ظاهر النص، ونسبه القاضي للأصحاب، وقال الخراسانيون: هذا فيمن يرجو زوال عذره، فأما غيره؛ كالزمن والمرأة .. فالتعجيل له أفضل وجزم به الرافعى، وصححه النووي (٣)، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي" (٤)، ثم قال في "الروضة": والاختيار: التوسط؛ فإن جزم بأنه لا يحضر الجمعة وإن تمكن منها .. ندب التقديم، وإلا .. فالتأخير (٥).

٨٠٦ - قول "الحاوي" فيمن يلزمه الجمعة [ص ١٩٠]: (ولا يصح ظهره ما لم يعتدل الإمام في الثانية) يخالفه قول "التنبيه" [ص ٤٣]: (ومن لزمه فرض الجمعة .. لا يصلي الظهر قبل فراغ الإمام من الجمعة) وهذا هو المعتمد؛ فقد قال ابن الصباغ فيما إذا أحرم بالظهر بعد فوات الجمعة وقبل سلام الإمام: إن ظاهر كلام الشافعي -يعني: في الجديد- بطلانها، وقال في "شرح المهذب": إنه الأصح؛ لأنه لم يتحقق فواتها لجواز بطلانها (٦)، وقال السبكى: ما اعتمده صاحب "الحاوي" في ذلك ليس هو الصحيح، والرافعي لم يذكر ذلك إلا في مسألة غير المعذور. انتهى.


(١) تذكرة النبيه (٢/ ٥١٩).
(٢) المنهاج (ص ١٣٢).
(٣) انظر "فتح العزيز" (٢/ ٢/ ٣٠٥)، و"المجموع" (٤/ ٤١٤).
(٤) الحاوي (ص ١٩١)، المنهاج (ص ١٣٢).
(٥) الروضة (٢/ ٣٩، ٤٠).
(٦) المجموع (٤/ ٤١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>