للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعنها - بل تلزمه كفارة عنه، ولا شيء عليها على الأصح؛ ولذلك قال "المنهاج" [ص ١٨٥]: (تجب الكفارة بإفساد صوم يوم من رمضان بجماع أثم به بسبب الصوم) فأخرج الجماع بعد الفطر؛ لأن الصوم لم يفسد به، بل فسد قبله، وتناول كل جماع، وقد يقال: لم يتناول الزاني عمدًا؛ لأن إثمه بسبب الزنا، والحق: أنه أثم بسببهما معاً، فتناولته عبارته، لكن يرد عليه: أنه لا يأتي فيه القول بوجوب كفارة عنه وعنها، وزاد "الحاوي" في الضابط المذكور في "المنهاج": تقييد الجماع بكونه تامًا (١)؛ ليحترز به عن جماع المرأة؛ فإنه يفسد صومها قبل صدق اسم الجماع بوصول رأس الذكر إلى باطنها، وقد تبع في هذا القيد الغزالي (٢)، وأسقطه "المحرر" و"المنهاج" إذ لا فائدة فيه؛ فإن فساد صومها في هذه الصورة بغير الجماع، بل بوصول عين إلى جوفها، فقد خرجت بقولنا: بجماع، ولو أولج فيها نائمة أو ناسية ثم استيقظت أو تذكرت واستدامت .. ففساد صومها هنا بجماع تام لا بوصول عين؛ لأن استدامة الجماع جماع، ومع هذا لا كفارة عليها، فظهر بهذا أن عدم وجوب الكفارة على المرأة ليس لانتفاء الجماع التام في حقها، بل ولو وجد الإفطار بالجماع التام .. لم يكن عليها كفارة، ومع ذلك فأورد على هذا الضابط أمور:

أحدها: لو طلع الفجر وهو مجامع فاستدام .. وجبت الكفارة، مع أنه لا يقال: فسد صومه؛ فإن المشهور: أنه لم ينعقد، والفساد فرع الانعقاد.

الثاني: لو جامع شاكًا في الغروب .. حرم، كما في "الروضة"، ولا كفارة، كما في "التهذيب" وغيره (٣)، وهو داخل في قول "المنهاج" بعد ذلك [ص ١٨٥]: (ولا كفارة على من ظن الليل فبان نهاراً)، لكن قال الرافعي والنووي بعد نقلهما عدم الكفارة عن صاحب "التهذيب" وغيره: وهذا ينبغي أن يكون مفرعاً على تجويز الإفطار والحالة هذه، وإلا .. فتجب الكفارة وفاءً بالضابط المذكور لوجوب الكفارة (٤)، ولم يتناول قول "الحاوي" [ص ٢٢٩]: (وظان بقاء الليل) إلا ما إذا كان ذلك في أول النهار.

الثالث: لو جامع مسافرًا ونحوه امرأته، ففسد صومها .. لا كفارة عليه بإفساد صومها، فينبغي التقييد بصوم نفسه.

الرابع: أنه لا بد من تقييد ذلك بكون الواطئ مكلفاً، فلو كان صبياً .. لم تلزمه كفارة في الأصح.


(١) الحاوي (ص ٢٢٩).
(٢) انظر "الوسيط" (٢/ ٥٤٤).
(٣) التهذيب (٣/ ١٦٨)، الروضة (٢/ ٣٧٧، ٣٧٨).
(٤) انظر "فتح العزيز" (٣/ ٢٣١)، و"الروضة" (٢/ ٣٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>