للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إدخال البعيد عن مكة وإخراج القريب؛ لاختلاف المواقيت. انتهى.

وفي عبارة "المحرر" شيء آخر، وهو أن تعبيره بالسكن يقتضي اعتبار الاستيطان في سقوط الدم بخلاف عبارة غيره، ويدل على عدم اعتبار الاستيطان ما تقدم قريبا عن الرافعي أنه حكى عن الأكثرين فيمن جاوز الميقات مريدًا للنسك ثم أحرم بعمرة، وهو على دون مسافة القصر من مكة أو الحرم: أنه لا يجب عليه دم التمتع، لكنه قبل ذلك بنحو ثلاثة أوراق نازع الغزالي في قوله: إن الآفاقي (١) لو جاوز الميقات غير مريد نسكًا، فلما دخل مكة اعتمر، ثم حج .. لم يكن متمتعًا؛ إذ صار من الحاضرين، وقال: إن كلام عامة الأصحاب ونقلهم عن نص "الإملاء" والقديم ظاهر في اعتبار الاستيطان (٢).

وقال شيخنا الإمام البلقيني: إن الكلام الذي حكيته أولًا هو المعتمد عليه، قال: ويلزم منه أن من دخل مكة في غير أشهر الحج، ثم اعتمر في أشهر الحج .. لا يلزمه دم، وهو كذلك؛ إما قطعًا، أو على خلاف ضعيف. انتهى.

وفي "شرح السبكي" بعد تطويل الكلام في هذه المسألة ما حاصله: أن فيها قولين، القديم: أن الحاضر كل من حصل هناك سواء استوطن أم لا وهو الذي قاله الغزالي (٣)، فلا دم إذا أحرم من مكة أو قريبًا منها بالعمرة سواء أجاوز الميقات مريدًا للنسك أم غير مريد، وأظهرهما: أنه المستوطن، وعلى هذا يلحق به من في معناه، وهو مَنْ بمكة أو قريبًا منها إذا لم يجاوز الميقات مريدًا للنسك، فإن جاوزه مريدًا .. ففيه نظر، والأقرب: أنه لا يلحق به، ثم قال: فإن قلت: فإذا ألحقت به من في هذه المسافة .. فلا فائدة للخلاف حينئذ، والخلاف في التسمية فقط .. قلت: بل من فوائده: أنه إذا خرج المستوطن والآفاق الذي وصل مكة ولم يستوطنها إلى الميقات وتمتعا منه .. وجب الدم على الآفاق دون المستوطن. انتهى.

١٥٦٥ - قولهما: (وألا يعود لأحرام الحج إلى الميقات) (٤) ظاهره: إرادة الميقات الذي أحرم منه بالعمرة، ولا يختص به، فلو عاد إلى مثل مسافته وأحرم منها .. فلا دم، وكذا لو عاد إلى ميقات أقرب منه، أو أحرم من مكة، ثم عاد إليه محرمًا على الأصح فيهما، وقيده في "المهذب"


(١) قال النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" (٣/ ٩): (قال أهل اللغة: الآفاق. النواحي، الواحد أفق بضم الهمزة والفاء، وأفق بإسكان الفاء، قالوا: إن النسبة إليه أفقي بضم الهمزة والفاء وبفتحهما لغتان مشهورتان، وأما قول الغزالي وغيره في "كتاب الحج": الحاج الآفاقي .. فمنكر؛ فإن الجمع إذا لم يسم به .. لا ينسب إليه، وانما ينسب إلى واحده).
(٢) انظر "فتح العزيز" (٣/ ٣٤٨، ٣٤٩).
(٣) انظر "الوجيز" (١/ ٢٥٦).
(٤) انظر "التنبيه" (ص ٧٠)، و"المنهاج" (ص ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>