للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حتَّى لو جهل رشده .. لا يصح، قال: ولم أره لأحد.

قلت: في اقتضاء عبارته لذلك نظر، وتعبير "المنهاج" بالرشد أقرب إلى اقتضاء ذلك من تعبير "التنبيه" بعدم الحجر، ولم يذكر "الحاوي" شيئا من هذه الشروط للعاقد.

وأجيب عنه: بأنه أهمل التكليف؛ لذكره له في الحجر، والاختيار؛ لتعرضه له في الطلاق.

١٦٧٧ - قول "المنهاج" [ص ٢١٠]: (وعدم الإكراه بغير حق) فيه أمران:

أحدهما: يستثنى منه: ما لو أكره المالك رجلًا على بيع مال نفسه فباع .. فإنه يصح، كما قاله القاضي حسين في (كتاب الطلاق)، وهو الأصح في نظيره من الطلاق، ولو أكره أجنبي الوكيل على بيع ما وكل فيه .. فأصح احتمالي أبي العباس الروياني عنده: البطلان، والثاني: الصحة.

ثانيهما: صوّر في "الروضة" الإكراه بحق بأن توجه عليه بيع ماله لوفاء دين عليه أو شراء مال أسلم إليه فيه، فأكرهه الحاكم عليه .. فإنه يصح بيعه وشراؤه (١)، وقال السبكي: كان بعض شيوخنا يصوره بمن أمر عبده بالبيع، فامتنع، فأكرهه .. فإنه يصح؛ لأنه من الاستخدام الواجب، ورده شيخنا جمال الدين رحمه الله بإلزام الإبطال فيما إذا قال: بع عبدي وإلَّا قتلتك؛ إذ لا استخدام له عليه مع أنَّه يصح كما تقدم؛ لكونه أبلغ في الإذن، فكأنه ليس إكراهًا، بل هو إذن مؤكد.

قال شيخنا الإمام شهاب الدين بنُ النقيب: وفي الرد نظر؛ فإن قوله: (بع عبدي وإلَّا .. قتلتك) إكراه بغير حق، لا طريق إلى تصحيح البيع فيه إلَّا كونه إذنًا مؤكدًا، وأما هنا: فإنه إكراه بحق وعلة حَقّيَّتِه الاستخدام، فالمعلل هنا: كونه بحق، وصحة البيع مرتبة عليه، والمعلل هناك: صحة البيع؛ لكونه مأذونًا فيه، فافترقا. انتهى (٢).

وصورّه بعضهم: بما إذا أسلم عبدِ لكافر محجور عليه .. فإن الحاكم يجبر الولي على بيعه، وذكر شيخنا جمال الدين من صوره: ما إذا أذن شخص لعبد غيره في بيع ماله، قال: فللسيد إكراهه على بيعه.

١٦٧٨ - قولهما - والعبارة لـ"التنبيه" -: (وإن باع عبدًا مسلمًا من كافر .. بطل البيع في أصح القولين) (٣) فيه أمور:

أحدها: أن هذا إنما هو فيما إذا اشتراه لنفسه، فإن اشتراه لمسلم .. صح إن سمى الموكل، وكذا إن نواه، وقلنا: يقع الملك أولًا للموكل، وهو الأصح، ويشكل: بمنع توكيل المسلم كافرًا في قبول نكاح مسلمة.


(١) الروضة (٣/ ٣٤٢).
(٢) انظر "السراج على نكت المنهاج" (٣/ ١١).
(٣) انظر "التنبيه" (ص ٩٠)، و"المنهاج" (ص ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>