للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الاختلاف، وصرح "التنبيه" بأن المراد: الاختلاف في الحكم، قال في "المهمات": ثم إن التقييد بكون العقدين مختلفي الحكم .. هل هو تكرار أم احتراز عن شيء؟ فليتأمل.

قلت: قد ذكر السبكي أنه ليس المراد: مطلق الأحكام، بل أسباب الفسخ والانفساخ؛ فإن الإجارة شرطها: التأقيت، وهو مبطل للبيع، والسلم يجب قبض رأس المال فيه في المجلس، بخلاف الإجارة والبيعِ، والتقابضُ المجلس يجب في الصرف دون غيره، وذلك يدل على أن اختلاف الأحكام قدر زائد على مطلق العقدين، وحذف "المنهاج" لفظة: (عقدين)، واقتصر على مختلفي الحكم (١)، لئلا يرد عليه البيع والصرف، وكذا صاع شعير وثوب بصاع حنطة، وما إذا باع عبدين وشرط الخيار في أحدهما دون الآخر، أو شرطه في أحدهما يوما وفي الآخر يومين .. فإن ذلك كله عقد واحد، ومع ذلك ففيه القولان؛ لاختلاف الحكم، لكن يرد عليه بيع ثوب، وشقص من دار؛ فإنه يصح جزماً مع اختلاف الحكم، ولا يرد ذلك على "التنبيه" و"الحاوي" وغيرهما؛ لاتحاد العقد، ثم يرد عليهم جميعاً شيئان:

أحدهما: أن شرط القولين: ألَاّ يكون أحد العقدين لازماً والآخر جائزاً؛ كبيع وجعالة، فمتى كان كذلك .. لم يصح جزماً، ذكره الرافعي في (المسابقة) (٢).

ثانيهما: أنه لو خلط ألفين بألف لغيره، وقال: شاركتك على إحداهما وقارضتك على الأخرى، فقبل .. صح، ولا يُخرّج على القولين، كما ذكره الرافعي في (القراض) عن المتولي؛ وعلله: بأنهما راجعان إلى الإذن في التصرف (٣)، وذلك شاهد لما قدمناه عن السبكى: أنه ليس المراد: اختلاف مطلق الأحكام، بل الأحكام التي هي أسباب الفسخ والانفساخ، وليس ذلك موجوداً في الشركة والقراض.

١٧٨٧ - قول "التنبيه" [ص ٨٩]: (كالبيع والإجارة، والبيع والنكاح، والبيع والكتابة، والبيع والصرف .. ففيه قولان، أحدهما: يبطل العقد فيهما، والثاني: يصح، ويقسط الثمن عليهما على قدر قيمتهما) فيه أمران:

أحدهما: أن مقتضى كلامه جريان الخلاف في صحة النكاح، والذي في كلام الرافعي والنووي الجزم بصحة النكاح وَرَدُّ الخلاف إلى الصداق (٤)، وعلى ذلك مشى "المنهاج" فقال [ص ٢١٨]: (صح النكاح، وفي البيع والصداق القولان) انتهى.


(١) المنهاج (ص ٢١٨).
(٢) انظر "فتح العزيز" (١٢/ ١٩٢).
(٣) انظر "فتح العزيز" (٦/ ١١).
(٤) انظر "فتح العزيز" (٤/ ١٥٧)، و"الروضة" (٣/ ٤٢٩، ٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>