للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأن البائع يدعي الحدوث، ومع ذلك فالمصدق المشتري، وعلى عبارة "التنبيه" أيضًا، فليس في لفظه ما يخرجها.

رابعها: إذا صدقنا البائع في حدوث العيب، فحلف، ثم جرى الفسخ بعده بتحالف، فطالب المشتري بأرشه، وزعم أنه أثبت حدوثه بيمينه .. فلا نجيبه إليه؛ لأن يمينه وإن صلحت للدفع عنه فلا تصلح لشغل ذمة المشتري، بل للمشتري أن يحلف الآن أنه ليس بحادث، ذكره في "الوسيط" تبعا للقاضي والإمام (١)، فقولهم: بتصديق البائع؛ أي: في دفع الرد عليه لا في تغريم المشتري الأرش إذا حدث عوده إليه.

١٨٤٣ - قول "التنبيه" [ص ٩٥]: (وإن باعه عصيرًا وسلمه إليه، فوجد في يد المشتري خمرًا، فقال البائع: عندك صار خمرًا، وقال المشتري: بل كان عندك خمرًا .. ففيه قولان، أحدهما: القول قول البائع، والثاني: القول قول المشتري) الأصح: الأول، وصورة المسألة: أنه مضى زمن يمكن انقلابه فيه، وفي تعبيره أولًا بالعصير تجوّز، فإذا فرض المقبوض عصيرًا .. لم يحسن الاختلاف.

وجوابه: أنه عصير حقيقة إن صدق البائع، ومجازًا باعتبار ما كان إن صدق المشتري، وأحسن منه جواب آخر سيأتي ذكره.

فإن قلت: لم لا اسْتُغني في "التنبيه" بالمسألة قبلها، وهي الاختلاف في قدم عيب عن هذه المسألة، كما فعل "المنهاج" و"الحاوي"؟

قلت: الاختلاف هناك فيما يقتضي الرد مع صحة عقد، والاختلاف هنا في مبطل؛ فإن الخمر لا يصح بيعه.

فإن قلت: فهذا هو الخلاف في دعوى أحد المتبايعين صحة العقد والآخر فساده.

قلت: الظاهر: أنه غيره، وأن الكلام هناك في مقارنة المفسد للعقد، وهنا في مقارنته للقبض، وبهذا يظهر أنه لا تَجَوّز في قوله: (وإن باعه عصيرًا) فالمبيع عصير بلا شك، والنزاع في أنه صار خمرًا قبل القبض أو بعده.

١٨٤٤ - قولهم - والعبارة لـ "المنهاج" -: (والزيادة المنفصلة كالولد لا تمنع الرد) (٢) يستثنى منه: ولد الأمة؛ فالأصح: منع التفريق بينهما في الصغر بالرد بالعيب، كما ذكره الرافعي والنووي في (التفليس) (٣)، وصحح ابن الرفعة: جوازه.


(١) الوسيط (٣/ ١٤١)، وانظر "نهاية المطلب" (٥/ ٢٥٤).
(٢) انظر "التنبيه" (ص ١٠٢)، و"الحاوي" (ص ٢٧٤)، و"المنهاج" (ص ٢٢٢).
(٣) انظر "فتح العزيز" (٥/ ٤٦)، و"الروضة" (٤/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>