للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكن لا على وجه يصير به موسرًا في هذه الحالة.

ومنها: لو كان له دين مؤجل على شخص .. فهو مال؛ بدليل: أنه يحنث على الأصح فيما إذا حلف لا مال له وله دين مؤجل، ومع ذلك فلا يصير به موسرًا حتى لا يجب عليه الحج بسبب الدين المؤجل وقت الخروج، وللزوجة أن تفسخ إلا أن يكون الأجل قريبًا، وذكر النووي تبعًا لأصله في (النفقات): أنه ينبغي أن يضبط القرب بمدة إحضار المال الغائب فيما دون مسافة القصر (١)، ومثل هذا قد يتخيل هنا، وقد يفرق، ومثل الدين المؤجل الدين على معسير أو جاحد ولا قدرة له على إثباته .. فهو مال، ولا يصير به موسرًا، والمستولدة مال، ولا يصير برقبتها موسرًا، فإذا كانت زَمِنة .. فلا منافع، ولا يصير بها موسرًا، والعبد الآبق الذي لا يصل إليه، ونحو ذلك كثير، فهذه الصفة ضيقت وأوقعت في محذور، فالذي يعتبر في ذلك - والله أعلم - أن يقول: (أشهد أنه معسر عاجز العجز الشرعي عن وفاء شيء من هذا الدين، أو أشهد أنه معسر لا مال له يجب وفاء شيء من هذا الدين منه)، فإن لم يكن هناك دين، بل المراد: ثبوت الإعسار من غير نظر إلى خصوص دين .. فيقول: (أشهد أنه معسر الإعسار الذي تحرم معه المطالبة بشيء من الدين). انتهى كلام شيخنا رحمه الله (٢).

وقال في "المهمات": ينبغي أن يضيف إلى هذا: ما يصرفه لسكني اليوم؛ فإنه مستثنى أيضًا، قال: وإذا كان مالكًا لما لا يتأتي صرفه إلى الدين؛ كالمغصوب والغائب .. فوجوده كعدمه؛ ولهذا جاز له أخذ الزكاة، فتسمع إقامة بينة الإعسار، ولا يتأتي إقامتها بالصيغة المذكورة هنا؛ لأنه مالك، بل يتعين التعبير بالقدرة أو الوصول ونحوهما، بل الغالب أن الشخص لا يعيش طول عمره من غير ظلامة تتعلق به، فينبغي التعبير بما قلناه. انتهى.

٢١٧٦ - قول "التنبيه" [ص ١٠١]: (فيمن عرف له مال .. حبس) فيه أمور:

أحدها: أنه يتناول الوالد لدين ولده، وهو داخل أيضًا في عموم مفهوم قول "المنهاج" [ص ٢٥٣]: (وإذا ثبت إعساره .. لم يجز حبسه)، وبه صرح "الحاوي" فقال [ص ٣٠٨]: (ولو لولده)، وهو الذي صححه الغزالي (٣)، لكن الأصح في "التهذيب" وغيره: خلافه، كما في "الروضة" و"الشرحين" هنا (٤)، وأطلق في "الروضة" في (الشهادات) تصحيحه (٥)، وحكاه الإمام عن المعظم (٦).


(١) الروضة (٩/ ٧٣).
(٢) انظر "نهاية المحتاج" (٤/ ٣٣٣).
(٣) انظر "الوجيز" (١/ ٣٣٩).
(٤) التهذيب (٤/ ١١٧)، فتح العزيز (٥/ ٢٩)، الروضة (٤/ ١٣٩).
(٥) الروضة (١١/ ٢٣٧).
(٦) انظر "نهاية المطلب" (١٩/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>