للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال السبكي: ينبغي القول بجواز بناء الدكة عند فقد الضرر إذا كانت بفناء داره؛ لأنها في حريم الملك؛ ولأن الناس مازالوا يتخذون المساطب على دورهم من غير إنكار، قال: ولم أر من صرح بالمسألة.

٢٢٧١ - قول " المنهاج " [ص ٢٦١]: (وغير النافذ يحرم الاشراع إليه لغير أهله، وكذا لبعض أهله في الأصح إلا برضا الباقين) فيه أمور:

أحدها: لو قال: (إلا برضا المستحقين أو أهله) .. لكان أولى؛ ليعود للمسألة الأولى أيضًا، وهي: ما إذا كان المشرع من غير أهله؛ فإنه لا يصح التعبير فيها بالباقين.

ثانيها: المراد: رضاهم مجانًا، ولا يجوز بأجرة، وقد صرح به " التنبيه " في قوله [ص ١٠٤]: (فإن صالحه مالكه على ذلك بعوض .. لم يجز)، وقد ذكره " المنهاج " في الشارع، وكان ذكره هنا أولى؛ لفهم تلك من هذه، بخلاف العكس، ويمكن أن يكون قول " المنهاج " [ص ٢٦١]: (ويحرم الصلح على إشراع الجناح) عامًا في الطريق النافذ وغير النافذ والأرض المملوكة، وإن كان إنما ذكره في قسم الطريق النافذ، وعبارة " التنبيه " [ص ١٠٤]: (ولا يجوز أن يشرع إلى درب غبر نافذ إلا بإذن أهل الدرب، وقيل: يجوز) وهو سالم من هذين الاعتراضين، لكن يرد عليه: أنه يفهم جريان وجه الجواز فيما إذا لم يكن من أهله، وليس كذلك، بل هو خاص بما إذا كان من أهله كما ذكره " المنهاج ".

ثالثها: يرد عليهما وعلى " الحاوي ": ما إذا كان في غير النافذ مسجد؛ فإن الرافعي نقل عن ابن كج وأقره: أنه لا يجوز في هذه الصورة لأهل الدرب سدّ بابه وقسمة الصحن بينهم؛ لأن المسلمين كلهم يستحقون الاستطراق إليه (١)، ثم قال الرافعي: وعلى قياسه لا يجوز الإشراع عند الإضرار فين رضي أهل السكة؛ لحق سائر المسلمين (٢).

قال في " المطلب ": وهذا يفهم أن أهل السكة إذا رضوا حيث لا ضرر .. جاز الإشراع، والذي يظهر أن يقال: إن كان الزقاق حيث أحْيِيَ .. أحيِيَت بقعة المسجد مسجدًا، فالأمر كما يفهمه كلامه، بل ينبغي جواز الإشراع حيث لا ضرر وإن لم يأذن أهل السكة؛ لأنه بمنزلة الشارع العام، لكن إن كان المسجد في أسفله .. ثبت الحكم المذكور في كله، فين كان في أوله أو وسطه .. ثبت الحكم المذكور من أول المسجد إلى أول الزقاق، وإن كانت بقعة المسجد أحييت ملكًا ثم وقفت مسجدًا .. فلا يجوز الإشراع إليه بغير رضا من في السكة وإن لم يكن ضرر، وعند إذنهم .. هل يجوز أم لا؟ فيه نظر، والأشبه: المنع، هذا كلام ابن الرفعة، ونازعه شيخنا الإمام


(١) الاستطراق: جعل الشيء له طريقًا. انظر " النظم المستعذب " (١/ ٣٤٣).
(٢) انظر " فتح العزيز " (٥/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>