للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي: في الصورة الأخيرة التوكيل إلا في المعجوز عنه (١)، قال النشائي: وكلامه لا يأباه، ولكن استدركه النووي (٢).

قلت: وأفصح عن ذلك "المنهاج" بقوله [ص ٢٧٤]: (ولو كثر وعجز عن الإتيان بكله .. فالمذهب: أنه يوكل فيما زاد على الممكن) وقد عبر أولاً: بالعجز، وثانياً: بعدم الإمكان، وقد يتخيل بينهما فرق، والثاني هو عبارة " المحرر" و"الروضة" وأصلها (٣)، وحيث وكل لكونه لا يتولاه بنفسه أو يعجز عنه لكثرته .. فإنما يوكل عن موكله، فإن وكل عن نفسه .. بطل على الأصح، كما صححه النووي (٤).

ثم اعلم: أن السبكي قال: هذا إذا قال: (وكلتك أن تبيع)، أما إذا قال: (في بيعه) .. ففيه نظر؛ لأنه يشمل بيعه بوكيله، وهو مثل قولهم: إن المعير لم يملك المنفعة، وإنما ملك أن ينتفع؛ ولهذا لا يعير.

ويوافقه أيضاً قول الفوراني وغيره: إنه يعتبر الصدق في قوله: (من أخبرتني بقدوم زيد .. فهي طالق)، بخلاف: (من أخبرتني أن زيداً قدم) فإنه لا يشترط فيه الصدق، لكن الأصح: أنه لا يشترط الصدق في الصورتين، وحكى في "التوشيح" عن والده: أنه نازع في قول النحاة: أنَّ أَنْ والفعل في تأويل المصدر، وقال: بينهما فرق؛ فإنّ أنْ والفعل يدل على الحدوث، وهو معنى تصديقي، بخلاف المصدر الصريح؛ فدلالته على المعنى التصوري فقط (٥).

٢٤١٢ - قول "المنهاج" [ص ٢٧٤]: (ولو أذن في التوكيل وقال: "وكل عن نفسك"، ففعل .. فالثاني وكيل الوكيل، والأصح: أنه ينعزل بعزله وانعزاله) عبارة "المحرر": (لكن ينعزل بعزله) (٦)، وليست مطابقة لها؛ فإن مراد "المنهاج": أن الوكيل الثاني ينعزل بعزل الوكيل الأول له؛ بدليل: كونه عطف عليه قوله: (وانعزاله)، والذي يتأتى انعزاله هو الوكيل الأول لا الموكل، وليس الانعزال في "المحرر"، ومراد "المحرر": أن الوكيل الثاني ينعزل بعزل الموكل له؛ ولهذا صدره بقوله: (لكن) للاستدراك على ما تقدم؛ لأن مقتضى كونه وكيل الوكيل: أن لا ينعزل إلا بعزل الوكيل لا بعزل الموكل، لكن خولف ذلك وانعزل بعزل الموكل، وحاصل ذلك أنهما مسألتان: إحداهما في "المحرر"، والأخرى في


(١) تصحيح التنبيه (١/ ٣٣٤).
(٢) انظر "نكت النبيه على أحكام التنبيه" (ق ١٠٢).
(٣) المحرر (ص ١٩٧)، فتح العزيز (٥/ ٢٣٦)، الروضة (٤/ ٣١٣).
(٤) انظر "الروضة" (٤/ ٣١٤).
(٥) انظرا فتاوى السبكي" (١/ ٨١).
(٦) المحرر (ص ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>