للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأجسام، ومشرعهُ (١) في الأكباد، وصاحبه متصرف الظنون، متفنن (٢) الأوهام، لا يصفو له مرجو، ولا يسلم له موعود، تُسرع إليه النوائب، وهو جرعة من نقيع الموت، وبقعة من حياض الثَّكلى، غير أنه من أريحية تكون في الطبع، وحلاوة تكون في الشمائل، وصاحبه جواد لا يُصغي إلى داعية المنع، ولا يُصيخ لنازع العذل.

ويحكى: أن أعرابية وصفت العشق، فقالت في صفته: خَفِيٌّ عن أن يُرى، وجَلَّ عن أن يختفي، فهو كامن كمونَ النار في الحجر، إن قدحته أورى، وإن تركته توارى، وإن لم يكن شعبة من الجنون، فهو عُصارة من السحر.

وكانت وفاته سنة خمس وثلاثين ومئتين بسُرَّ مَنْ رأى عن مئة سنة.

وكان قد كُفَّ بصرُه، وخَرِفَ في آخر عمره.

* * *

٣٦٠ - أبو علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن خالد بن حُمران بن أَبان مولى عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، المعروف بالجُبَّائي، أحدُ أئمة المعتزلة: وكان إمامًا في علم الكلام، وله في مذهب الاعتزال مقالات مشهورة، وعنه أخذ أبو الحسن الأشعري علمَ الكلام، ولما فارق الأشعريُّ مجلس أستاذه الجُبَّائي، وترك مذهبه، وكثر اعتراضه


(١) في الأصل: "وصرعه".
(٢) في الأصل: "متنفس".