رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ اليمين في نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته، ولما انهزم المسلمون، أظهر أهلُ مكة ما في نفوسهم من العقد، فقال أبو سفيان بن حرب: لا تنتهي هزيمتهم دونَ البحر، وكانت الأزلامُ معه في كنانته.
وصرخ كلدةُ: الآن بطل السحر، وكلدة أخو صفوان بن أمية لأمه، وكان صفوان حينئذ مشركًا، فقال صفوان: اسكتْ فَضَّ الله فاك، والله! لأنْ يَرُبَّني رجلٌ من قريش، أحبُّ إلى أن يَرُبَّني رجل من هوازن (١).
واستمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثابتًا، وتراجع المسلمون، واقتتلوا قتالًا شديدًا، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لبغلته دلدل:"البدي"، فوضعت بطنَها على الأرض، وأخذ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حفنةَ تراب، فرمى بها في وجه المشركين، فكانت الهزيمة، ونصر الله المسلمين، واتبع المسلمون المشركين يقتلونهم ويأسرونهم، وكان في السبي: الشيماءُ بنتُ الحارث، وأمها حليمةُ السعدية، وكانت أختَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الرضاع، فعرَّفته بذلك، وأرتْه العلامة، وهي عضَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - في ظهرها، فعرفها، وبسط لها رداءه، وزَوَّدها، وردَّها إلى قومها، حسبما سألت.
[* ذكر حصار الطائف]
ولما انهزمت ثقيف من حنين إلى الطائف، سار النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم، فأغلقوا باب مدينتهم، وحاصرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - نيفًا وعشرين يومًا، وقاتلهم