للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* ذكر حَجِّ أبي بكر - رضي الله عنه - بالناس:

وبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - في سنة تسع ليحجَّ بالناس، ومعه عشرون بَدَنَةٌ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعه ثلاثُ مئة رجل، فلما كان بذي الحُلَيفة، أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - عليَّ بنَ أبي طالب - رضي الله عنه -، وأمره بقراءة آيات من أول سورة براءة على الناس، وأن ينادي: أن لا يطوف بالبيت بعدَ السنة عُرْيان، ولا يحجَّ مشركٌ، فعاد أبو بكر، وقال: يا رسول الله! أَنَزلَ فيَّ شيء؟ قال: "لا، ولكنْ لا يُبَلِّغُ عَنِّي إِلَّا أَنا أَوْ رَجُلٌ مِنِّي، أَلا تَرْضَى يا أَبا بَكْرٍ أَنَّكَ كُنْتَ مَعِي في الغارِ، وصَاحِبي عَلَى الحَوْضِ؟ "، قال: بلى. فسار أبو بكر - رضي الله عنه - أميرًا على الموسم، وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يؤذِّنُ ب "براءةَ" يومَ الأضحى، وأن لا يحجّ بالبيت مشركٌ، ولا يطوف عُرْيان (١).

* وفي هذه السنة: تُوفي ذو البِجادَينْ عبدُ الله المُزَنيُّ في غَزاة تبوكَ، وتولى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - دفنه، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في حفرته، وأبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - يُدَلِّيانه إليه، وهو يقول: "أَدْليا لي أَخاكُما"، فَدَلَّياه إليه، فلما هيَّأه لِشِقِّه، قال: "اللهمَّ إِنِّي قَدْ أَمْسَيْتُ رَاضِيًا عَنْهُ، فارضَ عَنْهُ" (٢).


(١) رواه الطبري في "تاريخه" (٢/ ١٩٢)، ورواه مختصرًا البخاري (٣٦٢)، ومسلم (١٣٤٧).
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ١٢٢)، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -. وانظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (٥/ ٢٥٩).