والله! لا تقلَّدْتُ أمرًا بين اثنين أبدًا، ثم لم يلبث أن مات بعد أيام - رحمه الله، ورضي عنه -.
ولما حضرته الوفاة، اجتمع إليه مواليه، فقيل: اعهدْ إلى من رأيت من أهل بيتك، فجمع الناس، وقال: قد ضعفتُ عن أمركم، ولم أجد مثلَ عمرَ بنِ الخطاب لأستخلفه، ولا مثل أهل الشورى، فأنتم أولى بأمركم، فاختاروا مَنْ أحببتم.
وقال: والله! ما ذقت حلاوة خلافتكم، فكيف أتقلد وِزْرَها؟ اللهمَّ إني بريء منها، مُتخلٍّ عنها، ثم دخل منزله، وتغيَّب فيه حتى مات - رحمه الله -، ودُفِن بدمشق إلى جانب أبيه، وصلَّى عليه الوليدُ بن عتبةَ ابنِ أبي سفيان ليكون الأمر له من بعده، فلما كبر الثانيةَ، طُعِن، فسقط ميتًا قبل تمام الصلاة، وزال الأمر عن بني حرب، فلم يكن فيهم من يرومها، وصلَّى عليه مروان بن الحكم.
ولم يكن لمعاوية هذا عَقِبٌ، وكانت خلافته ثلاثة أشهر، وقيل: أربعين يومًا، والله - سبحانه وتعالى - أعلم.
وصلَّى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
[(خلافة عائذ بيت الله عبد الله بن الزبير)]
لما مات يزيد بن معاوية، بايع الناسُ بمكة عبدَ الله بن الزبير، وكان مروان بن الحكم بالمدينة، فقصد المسيرَ إلى عبد الله بن الزبير ومبايعتَه،