للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان شاعرًا لهم وقائدًا، يستمعون له ويطيعونه.

* * *

[* ذكر بيعة العقبة الثانية *]

ولما فشا الإسلام في الأنصار، اتفق جماعة منهم على المسير إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستخفين، لا يشعر بهم أحد، فساروا إلى مكة في الموسم، في ذي الحجة، مع كفار قومهم، واجتمعوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وواعدوه أوسطَ أيامِ التشريق بالعقبة، فلما كان الليل، خرجوا بعد مضي ثُلُثِهِ مستخفين، يتسللون حتى اجتمعوا بالعقبة، وهم سبعون رجلًا، معهم امرأتان: نُسيبة بنتُ كعب، وأسماءُ أم عمرِو بنِ عديٍّ من بني سَلِمة.

وجاءهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعه عمُّه العباس، وهو يومئذٍ كافرٌ، أحبَّ أن يتوثَّق لابن أخيه، فكان العباس أولَ من تكلم.

فبايعوه، فكان أول من بايعه: أبو أمامة أسعدُ بنُ زُرارة، وقيل: أبو الهيثم بنُ التيهان، وقيل: البراء بن مَعْرور، ثم تتابع القوم.

فتكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتلا القرآن، ثم قال: "أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأولادكم"، ودار الكلام بينهم، واستوثق كلُّ فريق من الآخر.

ثم سألوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: إن قُتِلنا دونَك مالنا؟ قال: "الجنة"، قالوا: فابسطْ يدك، فبسط يده، ويايعوه، فلما بايعوه، رجعوا إلى المدينة.