تكبيرات، ثم أُتي بالقتلى يوضعون إلى حمزة، فصلى عليهم وعليه، حتى صلى عليهم ثنتين وسبعين صلاة، وهذا دليل لأبي حنيفة؛ فإنه يرى الصلاة على الشهيد؛ خلافًا للشافعي وأحمد - رحمهم الله -.
ثم أمر بحمزة فدُفِن، واحتُمِل ناسٌ من المسلمين إلى المدينة، فدفنوهم بها، ثم نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال:"ادفنوهُم حيثُ صُرِعوا"(١).
وأصيبت عينُ قَتادَةَ بنِ النعمان، فردّها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بيده، فكانت أحسنَ عينيه، واستُشهد أنسُ بنُ النَّضْرِ بنِ ضمضم عمُّ أنس بن مالك، وقد أبلى بلاءً حسنًا، وفيه نزلت:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}[الأحزاب: ٢٣] الآية.
[* ذكر إرسال عمرو بن أمية لقتل أبي سفيان]
قيل: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث عمرو بن أمية الضمري إلى مكة، مع رجل من الأنصار، وأمرهما بقتل أبي سفيان صخر بن حرب، فلم يظفرا به، فقتل عمرٌو عثمانَ بنَ مالكٍ التّيميَّ، فركب صاحبُ عمرٍو البعيرَ، وأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره الخبرَ، وأما عمرٌو، فسار حتى دخل دارًا بضجنان، ومعه قوسُه وأسهمه، فبينما هو فيه، إذ دخل عليه رجل من بني الديل، أعورُ طويلٌ، يسوق غنمًا له، فقال: من الرجل؟ قال: من بني الديل، فاضطجع معه، ورفع عقيرته يتغنى ويقول:
(١) روى الترمذي في "سننه" (١٧١٧)، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: "ردوا القتلى إلى مضاجعهم".