هو أبو تميم، مَعَدٌّ، الملقب بالمعزّ لدين الله بنِ المنصور بنِ القائم ابنِ المهدي عُبيد الله.
وكان المعز المذكور قد بويع بولاية العهد في حياة أبيه المنصور، ثم جُددت له البيعة بعد وفاة أبيه، ودبر الأمور، وساسها، وأجراها على أحسن أحكامها، إلى يوم الأحد، سابع ذي الحجة، سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة، جلس على سرير ملكه يومئذ، ودخل عليه الخاصةُ، وكثير من العامة، وسلَّموا عليه بالخلافة، وسُمِّي بالمعزّ، ولم يُظهر على أبيه حزناً.
ثم خرج إلى بلاد إفريقية؛ ليمهد قواعدها ويطوف بها، وانقاد له العُصاة من أهل تلك البلاد، ودخلوا لطاعته، وعقد لغلمانه وأتباعه على الأعمال، وأسند في كل ناحية من يعلم كفايته وشهامته، وضمَّ إلى كل واحد منهم جمعاً كثيراً من الجند وأرباب السلاح.
ثم جهَّز أبا الحسن جوهراً القائد، ومعه جيش كبير؛ ليفتح ما استعصى عليه من بلاد المغرب، وسار إلى فاس، ثم منها إلى سجلماسة، وفتحها، ثم توجه إلى البحر المحيط، وصاد من سمكه، وجعله في قِلال الماء، وأرسله إلى المعز.
ثم رجع إلى المعز، ومعه صاحب سجلماسة، وصاحبُ فاس أسيرين في قفصي حديد، ولم يرجع القائد جوهر إلى مولاه المعز إلا وقد