للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر أبو جعفر المروزي، قال: خرجت مع المنصور يوم هدمَ [أبو] يزيد القيسارة، ومعه ريحان، فسقط أحدهما مراراً، فمسحته، وناولته إياه، وتفاءلت به، وأنشدت:

فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّ بِهَا النَّوَى ... كَمَا قَرَّ عَيْناً بِالإِيَابِ مُسَافِرُ

فقال: ألا قلتَ ما هو خيرٌ من هذا وأصدقُ: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} [الأعراف: ١١٧]؟ فقلتُ: أنتَ يا بنَ رسول الله قلتَ ما عندَك من العلم.

ولما حاصر المنصور أبا يزيد بن مخلد بسوسة، وهزمه، وأسره، ومات من جراحة أصابته، وأمر بسلخه، وأن يحشى جلده قطناً، وصلبه، وبنى مدينة موضع الوقعة، وسماها المنصورية: واستوطنها، وخرج في شهر رمضان، سنة إحدى وأربعين منها إلى مدينة جلولاء يتنزه بها، ومعه حظيته قضيب، وكان مغرماً بها، فسلَّط الله عليهم برقاً ورياحاً، فخرج منها إلى المنصورية، فاشتد عليهم البرد، وأوهن جسمه، ومات أكثرُ من كان معه، فاعتلَّ بها، ومات يوم الجمعة، آخر شوال، سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة، ودفن بالمهديَّة.

وكان مولده بالقيروان، سنة اثنتين، وقيل: إحدى وثلاث مئة.

والحمد لله رب العالمين.

* * *