للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان جملتهم - مع من مات في حبسه - ثمانيةَ عشرَ ألفًا، وكان من أطيب الناس صوتًا بالقراءة؛ فإنه حفظ القرآن، وأتقنه، وطلب العلم، وملك الديار المصرية وعمره أربعون سنة، سنة أربع وخمسين ومئتين، فملكها بضع عشرة سنة.

وخلَّف أموالاً كثيرة، وثلاثة وثلاثين ولداً ذكرا وأنثى، وكان أبوه مملوكا، أهداه نوح بن أسد الساماني إلى المأمون في جملة رقيق، ويقال: إن طولون تبنى أحمد، ولم يكن ولدَه - رحمه الله، وسامحه -.

* * *

[خلافة المهتدي بالله]

هو محمدُ بنُ الواثقِ بالله بنِ المعتصمِ، الخليفةُ الصالح، وأمُّه رومية.

بويع له لليلة بقيت من رجب، سنة خمس وخمسين ومئتين، وكان أسمر اللون، رقيقا، مليح الوجه، حميد الطريقة، ورعًا، زاهدا، عابداً، عدلاً، كثير العبادة، قويا في أمر الدين، بطلاً شجاعًا، لكنه لم يجد ناصراً ولا معينًا على الخير، وكان خاشعًا ناسكًا، يكاد يكون في الهاشميين كعمر بن عبد العزيز في الأمويين، ولم يكن في ملوك بني العباس أزهدُ منه، وكان قد طرح الملاهي، وحرّم الغناء، وحسم أصحاب السلطان عن الظلم، وكان له سَفَطٌ فيه جبة صوف، وكساء وبرنس، كان يلبسه بالليل، ويصلي فيه.