للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان طويلاً، جسيما، وسيمًا، أقنى الأنف، مدوَّر الوجه، حسنَ المضحَك، أبيضَ اللون، أسود الشعر، حسن العينين، ضيق الجبين، أحمرَ الوجنتين، ولم يُعذب أحدٌ من الخلفاء ما عُذِّب المعتز، على صغر سنه، وهو ثالث خليفة خُلِع من بني العباس، ورابع خليفة قُتِل منهم، وكان له من الولد جماعة، لم يشتهر منهم إلا عبدُ الله.

في هذه السنة ظهر عند أمه قبيحة أموال عظيمة، وجواهر نفيسة، كان من جملة الذهب ما يقارب ألفي ألف دينار، ومن الزمرد الذي لم يُرَ مثلُه مقدارُ مَكُّوك، ومن اللؤلؤ مَكُّوك، وكَيْلَجَةُ ياقوت أحمر لم يُرَ مثلها، هذا وقد كانت الأتراك طلبوا من ولدها المعتز خمسين ألف دينار تصرف في أرزاقهم، فلم يكن عنده من ذلك شيء، فطلب من أمه قبيحة - قبحها الله تعالى - أن تقرضه ذلك، فأظهرت أن لا شيء عندها، ثم ظهر عندها من الأموال ما ذكرناه، وقد كان لها من الغلات ما يعدل كل سنة عشرةَ آلاف دينار، واستمرت الخلافة للمهتدي بعد المعتز.

والمعتز هو الذي ولَّى أحمدَ بنَ طولون على مصر، ثم استولى ابن طولون على دمشق والشام، وأنطاكية والثغور، في مدة شغل الموفق بمحاربة الزنج.

وكان أبو العباس أحمدُ بنُ طولون عادلاً، شجاعًا، جواداً، متواضعا، حسنَ السيرة، ويحب أهل العلم، وبنى الجامعَ المنسوب إليه بظاهر القاهرة، قيل: إنه أنفق على عمارته مئة ألف دينار، وعشرين ألف دينار، إلا أنه كان طائش السيف، سَفَّاكا للدماء، أُحصي من قتله صبراً،