ولما وصل خبر الخطبة العباسية بمصر إلى بغداد، ضربت لها البشائر عدة أيام، وسيرت الخلع مع عماد الدين صندل، وهو من خواص الخدم المقتفوية إلى نور الدين، وصلاح الدين، والخطباء، وسيرت الأعلام السود.
[وجرى بين نور الدين وصلاح الدين [من] الوحشة في الباطن]
وكان الحادث: أن نور الدين أرسل إلى صلاح الدين يأمره أن يجمع العساكر المصرية، ويسير بها إلى الفرنج، والنزول على الكرك، ويحاصره؛ ليجمع هو - أيضًا -، عساكره ويسير إليه، ويجتمعا هناك على حرب الفرنج، والاستيلاء على بلادهم.
فبرز صلاح الدين من القاهرة في العشرين من المحرم، سنة سبع وستين وخمس مئة، وكتب إلى نور الدين يعرفه أن رحيله لا يتأخر، وكان نور الدين قد جمع عساكره، وتجهز، وأقام ينتظر ورود الخبر من صلاح الدين برحيله ليرحل.
فلما أتاه الخبر بذلك، رحل عن دمشق عازماً على قصد الكرك، فوصل إليه، وأقام ينتظر وصول صلاح الدين إليه، فأتى منه كتابه يعتذر فيه عن الوصول باختلال البلاد، وأنه يخاف عليها من البعد عنها، فعاد إليها، فلم يقبل نور الدين عذره.
وكان سبب تقاعده: أن أصحابه وخواصه خَوَّفوه من الاجتماع بنور الدين، فحيث لم يمتثل أمر نور الدين، شق ذلك عليه، وعظم عنده،