- ومنها: ما يحصل للإنسان من التَّجارِب والمعرفة بالحوادث، وما تصير إليه عواقبُها، فإنه لا يحدُث أمرٌ إلا قد تقدَّم هو أو نظيره، فيزداد بذلك عقلاً، ويُصْبحُ لأَنْ يُقتدى به أهلاً.
- ومنها: ما يتجمَّل به الإنسانُ في المجالس والمحافل من ذكرِ شيء من معارفِها، ونقلِ طَرِيفة من طرائفها، فترى الأسماعَ مُصْغيةً إليه، والوجوهَ مُقْبلةً عليه، والقلوبَ متأمِّلةً ما يورِدُه ويصدُرُه، مستحسنةً ما يذكرُه.
[* وأما الفوائد الأخروية]
- فمنها: أنَّ العاقلَ اللَّبيبَ إذا تفكَّر فيها ورأى تقلُّبَ الدُّنيا بأهلها، وتتابعَ نكَباتها إلى أعيان قَاطِنيها، وأنها سَلَبت نفوسَهم وذخائِرَهُم، وأعْدَمت أصاغِرَهُم وأكابرهم، فلم تُبْقِ على جليلٍ ولا حقير، ولم يَسْلَم من نكَدها غنيٌّ ولا فقير، زَهِدَ فيها وأعرضَ عنها وأقبلَ على التزوُّد للآخرة منها، ورَغِبَ في دار تنزَّهت عن هذه الخصائص، وسَلِمَ أهلُها من هذه النقائص.
- ومنها: التخلُّق بالصَّبر والتأسِّي، وهما من محاسن الأخلاق، فإنَّ العاقلَ إذا رأى أنَّ مُصَابَ الدُّنيا لم يَسْلَم منه نبيٌّ مُكَرَّمٌ ولا مَلِكٌ معظَّمٌ، بل ولا أحدٌ من البشر، عَلِمَ أنه يُصيبه ما أصابهم، وَينُوبه ما نَابَهم.